الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

الى غير رجعة

في أعماقها سكنها الحزن ويستوطنها
وفى متاهات الضياع ودهاليز الغربة تهرب وتجري دون ان تلتفت وتبحث عن شئ بعيد

لم تشعر بقسوة الوحدة ووحشة البيت الا يوم رحيله
العذابات لها تجمعت وصارت شريطا طويلا يمتد مع الافق في كل مساء
ويتدلى مع الشمس الغاربة بجراحها الحزينة
تحس بالجدران تكاد تسقط عليها والأثاث يحاصرها فتهرع الى النافذة تفتحها
ينسكب ضوء النهار وأصوات الشارع المحملة بالضجيج والفوضى
وتدخل الرياح فتدفع بالستائر بقسوة شديدة
وتصل اليها حيث تقف لتلطم وجهها
ولا تشعر ببرودة أو بحرارة ولا يهمها قدوم الليل او انبلاج الصباح
ولا يمنعها مطر او يخيفها رعد
وتمتزج الالوان والاصوات والاضواء معا فيملأ نفسها شعورا جديدا  بالبقاء

وفى السوق تأخذ العربة وتدفع بها بين الممرات والارفف التي تغص بكل شئ من مأكولات ومشروبات وعطور وحلوى
يتلقفها ذلك العالم السحري
وتبدأ برحلة جمع الاشياء فتأخذ علبة او زجاجة وتتامل الرسم لا الكتابة لا تقرأ شيئا بعينيها
وتتحرك ببطأ
ها هو المشروب وكان يحبه الذي رافق رحلة حياتها الطويلة
تغرقها الدموع وهي تغالب الذكرى لسمفونية لم تتوقف الا يوم رحيله حين رحل وترك لها كل شئ في مكانه
والعربة لا تزال شبه فارغة وتريد ان تشتري كل شئ حتى طفولتها المنسية
يتراءى لها حقل بعيد تحت شمس مشرقة وطفلة تنزلق عليه راكضة كفراشة بثوب يحمل كل الألوان
نفس الحلم الاخضر يتكرر في كل مرة حين تجد نفسها بين علب الحلوى وابتسامة على شفتيها الذابلتين
ستشتري له باقة ورد ابيض وكان يحب كثيرا هذا الورد الأبيض
سيراها حتما حين تضعها على قبره وسيبتسم لها من تحت الأكفان

والشتاء على الابواب

وتنفذ أشعة الشمس من الفجوات الصغيرة لتكون شعاعات مرحة تتراقص فيها ذرات لامعة
أتخذت مكانها صامتة وكان الحديث في داخلها مستمرا
وفجأة بهتت الصور وتلاشت أصوات الناس
وتحسست مكانها

 تترك العربة وكل ما فيها والطابور الطويل بين دهشة الواقفين
تنطلق خارجة الى الشارع تحمل الحقيبة الخالية من النقود تماما
والعاملة تنظر اليها وتقول عنها  ( كل يوم تملأ العربة حتى النهاية ثم تتركها في ذات المكان )

نعرفها ونتركها تفعل ما تشاء
 
واليوم أفتقدنا باقة الورد التي خرجت بها  ودائما رائحة الورد الأبيض تغادر معها المكان
الى غير رجعة

هناك 3 تعليقات:

  1. أتخذت مكانها صامتة وكان الحديث في داخلها مستمرا
    وفجأة بهتت الصور وتلاشت أصوات الناس

    مع كل ثاانيه من زمن الحيااة تزداد الصوره بهتانا
    دون أن نشعر فأعيننا ألفت المظهر وتأقلمت عليه
    والأدهى والأمر أننا لانكتشف ذالك إلا في حالتين التي
    ذكرت والحالة الأخرى نكون السبب في اكتشاف
    غيرنا لبهتاان الصوره ,,,

    لرووحك أكااليل من الورود بكافة الألواان
    .
    .



    وكل شيئ له اطلاقات وله احكامات وأحيانا متشابهات بين تلك وتلك
    ومن هنا قد لا تظهر لنا تلك المتشابهات جزءا من الصور
    ويكون البهتان لنا بتلك للصورة
    -----------------------------
    كل ودى وتقديرى لك
    وكل احترامى اليك
    ولك الشكر دائما

    ردحذف
  2. يتراءى لها حقل بعيد تحت شمس مشرقة وطفلة تنزلق عليه راكضة كفراشة بثوب يحمل كل الألوان

    نفس الحلم الاخضر يتكرر في كل مرة حين تجد نفسها بين علب الحلوى وابتسامة على شفتيها الذابلتين

    مشكوور على الطرح ..
    رااق لي جدا ..

    شكرا على على روعة المرور ونفحاتك المتروكة على تلك الصفحات
    كل التقدير
    تحياتى اليك
    تقبل عبوري

    ردحذف
  3. وتدخل الرياح فتدفع بالستائر بقسوة شديدة
    وتصل اليها حيث تقف لتلطم وجهها
    ولا تشعر ببرودة أو بحرارة ولا يهمها قدوم الليل او انبلاج الصباح
    ولا يمنعها مطر او يخيفها رعد

    ،،،،لقد أبدعت بطرحك،،،،يعطيك العااافيه،،،،،،

    ومعكم جميعا يكون المعنى
    ولكم جميعا كامل التقدير
    شكرا لك

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.