هنا سأتواجد لتدوين ما يحضرنى من التفاصيل الدقيقة أو العريضة بكل تجرد متناسبا مع حالتى فى اللحظة وفى شكلها وشكلى وتشكلنا معا حتى تتكون ويتكون الموقف واعتبرها ذكريات مدونة ومجردة
وليس مهما ان تكون فى تسلسلها بواقع الأحداث ليكون التأثر وربما هى استحضارى للأحداث واقتناصها او تطويعها لحالتها الغير مرتبة ويبدو انها كذلك غير مرتبطة
ولكننى أجزم
برغم هذا وبرغم كونها متفرقة من كل لحظاتى فى تشكلنا الا انها متسلسة بفوارق التواريخ وليس لعامل الوقت فى عالم التفاصيل أدنى اعتبار
من هنا أقصد أن تلك التدوينة الأخيرة وتحتها ما سيكون من دقائق فى شكل التعليقات والحوارات الخاصة مع نفسى وتتعدل بها بعض الأشياء وبعض المفاهيم لتريتب الأحداث
وأبدا لا تخطئ الأقدار
ودوما أقولها
والله ولى التوفيق
**************
وأبدا لا تخطئ الأقدار
ودوما أقولها
كانت عيناها ضاحكتان وتستكين مع كل كلمة اقولها وكأنها تفهمنى لا تكف ولا تهدأ حتى ترى البسمة تغمرنى فتستكين عن افتعالاتها الرائعة فى كل المواقف التى استحضرها لها
انها سارة
كنت اناديها بهذا الاسم لسهولته فى النطق ونحن نلعب معا ومعنا محمد وكانا كما التوأم وبينهما عام ونصف واسمها الحقيقى إسراء واخترت لها هذا الاسم لكونها ولدت فى ليلة الإسراء
وفى يوم من الأيام وكنت مكتئبا جدا من ظروف أمر بها والفشل فى حلم عمرى مع شريكى فى الشركة بعدما قررت تجميد النشاط والتزمت البيت مغلقا على نفسى كل الأبواب ومهملا بعض العادات اليومية للنظافة الشخصية من عدم حلاقة الذقن والاستحمام واستمر هذا لمدة اسبوع تقريبا وفى استرسال دائم بالتفكير والتشتت الذهنى مع تكثيف التدخين واحتساء القهوة فى كل الأوقات.
ما ذا تحمل لى ياهذا الصباح عبارتى كنت اكررها مع نفسى دون تركيز حتى شعرت بسارة وتحاول ان لا يختل توازنها وتنبهنى ان احمل عنها بعض ما تحمل من أطباق وبعدها يفعل أخيها ومعه تكملة الأطباق ولم يكن صوت زوجتى وينبهنى ان أجهز الإفطار لسارة ومحمد بدلا من جلستى دون فائدة كما قالت ولم يكن هذا دافعى لتجهيز الافطار بل نظراتها البرئية وملؤها التوسل الا يخيب رجاؤها وهى تحب الطعم الذى ينتج من مزج الأنواع وأجهزه لهما دائما - وكانت فى عامها الرابع وأخيها يسبقها بخمسة عشر شهرا
وقمت بوضع الأنواع طبقات فوق بعضها ابتداءا من الجبنة كطبقة أولى ثم طبقة البطاطس وطبقة من البيض المقلى وشرائح الطماطم المملحة تعلوها طبقة من شرئح الجبن المطبوخ وقطع الزيتون الأسود تترتب فى اوضاعها المتراصة وقمست الرغيف الى نصفين وأعطيتها نصفها ولأخيها النصف الثانى وجلست اتابع حلقات الدخان من سيجارتى مع رشفات فنجان القهوة الأخيرة وهما يلعبان ويأكلان حولى
ولا أدرى ماذا قرأت فى شكلى من بؤس دعاها أن تتوقف وتسأل دون سؤال وفقط بنظراتها كانت تسألنى عما بى وما أعانى من هموم تجعلنى لا أشاركهما اللعب كما نحن نفعل دائما وتجعلنى لا أعتنى بحلاقة ذقنى فأخرجت آخر اللقمات من فمها قدمتها لى كى تنتهى هى قبل أخيها وتعلن كرابحة لسباق لم يعلن عنه وبفوزها بإكمال نصيبها قبل أخيها ورغما عنى اضع اللقمة وأمضغها وأبتلعها لكونى لا أحب البطاطس ولكن عذرى أنها بقايا لجزيئيات البطاطس ولا تفرق كثيرا كى ترضى عنى اسراء ولا تغضب منى ولكونى ايضا لم اتناول الا القهوة فمضغت ما جادت به على اسراء
وليست هى الأحق بى وحدها وهكذا كان الإعلان قويا ومدويا من محمد وله كل الحق وحتى لو كان قراره متأخرا عنها فيقسم ما تبقى معه الى نصفين ويعطينى مثلها وأبتلعه بما فيه من جزيئات البطاطس التى لا تستهوينى
وعنهما انتهى الموقف هنا عند هذا الحد وأكملا اللعب
وعنى ووجدتنى فى استرسال عجيب
أنا لا أحب البطاطس ورغما عنى أكلتها أو أكلت نصيبى منها رغم أنى لا أحبها أيكون هذا من دوافع الارضاء لسارة ومحمد أم لكونها من نصيبى فى الحياة وما فعلته سارة ومحمد لا يعدوا كونهما الوسيلة, ولكن فى أى أرض زرعت تلك البطاطس وكم من الوقت أخذته حتى تأتينى منها تلك البقايا وكانت فى فم اسراء وأخرجتها لكونها وسيلة لنصيبى وكانت فى نصيب محمد وقسمها لنفس السبب وكانت ضمن الاف الحبات الأخرى وجاءت لكونها مقسومة فى نصيبى ومسببة الأسباب وليس لكونى أحبها أو لا أحبها ولنترك البطاطس الى بقايا الجبن الأبيض تلك الطبقة الأولى بطعمها الذى أحسه الأن وياترى من أى الأماكن انتقل الينا فى شكله النهائى وحتى فى مراحل التصنيع والكلام بعينه للجبن المطبوخ وهو الطبقة الأخيرة والشرائح للزيتون والطماطم والقمح الذى صنع منه الخبر والبيض المقلى وما هذا الهراء الذى نعيشه
لا نملك الا نصيبنا يأتينا ولو كان فى أفواه الأخرين وليس كل ما نملك هو نصيبنا بل قد لا يكون اصلا من نصيبنا ونحن له مجرد وسيلة ولو تخيلنا وحتى وهو فى أفواهنا وليس مقسوما لنا وبكل الحب ولكوننا الوسيلة نخرجه من أفواهنا لمن له هذا النصيب وأحيانا رغما عنا كما فعل محمد كى لا تسبقه سارة فى السباق
ماهذا التيه الذى يشملنى ولماذا أهمل نفسى لمجرد خلاف مع شريكى فى الشركة ويتجمد عليه النشاط وتتوقف الحياة عندى بفشل التجربة باعتقاد الخطأ أن ما أملكه هو كل نصيبى
وهذا هو الخطأ بعينه
الذى نملكه شيئ يختلف عن ما مقسوم لنا
شكرا حبيبتى لرسالتك البسيطة وأكملها لك أخيك
اليوم تنتهى تلك الفترة لاعتقادى واهمالى لمن يهبون لى تصحيح الأخطاء
كل هذا والعديد من الحوارات كانت وأنا أحلق ذقنى بعد مضغ البقايا وأتهيأ الى الخروج للبدء فى النشاط وهكذا فعلت وكانت اسراء وكان محمد يرحمها الله ولم أبكيهما حتى الآن ولن يكون فما كانا الا ملهمين لى فى الحياة أتيا لرسالة وأعيد قراءة رسالاتهم الى دوما
اللهم ارحمنى بهما
وأبدا لا تخطئ الأقدار
ودوما أقولها
وأبدا لا تخطئ الأقدار
ردحذفودوما أقولها
تلك هى البداية تنفيذا لوعد قطعته على نفسى فى أحد الليالى بتلك الجملة وخرجت بكل القناعة وأن ابين من واقعى وكيف لا تخطئ أبدا أقدارنا ولو لم نرضى على السياق