عندما يحاصر حياتك ستون شتاء فإن هيئة شبابك المفعم بالحيوية ستغدو كالعباءة الرثة وتقدر بثمن زهيد
فإذا ما سئلت عن مكمن حسنك بأكمله وعن كنوز أيامك فلتجب من خلال عينيك الغريقتين في الأعماق
عن االخزي الذي لم يدع شيئا والإطراء الذي لا يجدي
لو أنك استطعت الجواب قائلا
هذا الطفل البديع الذي ينتمي إلي سيجمع حظي ويكون العزاء والتبرير في كهولتي
ويكون جماله البرهان على انتسابه إلى
ويكون جماله البرهان على انتسابه إلى
هذا هو ما يجددنى مرة أخرى
أنظر في مرآتك وقل للوجه الذي تراه لقد حان الوقت ليتخذ هذا الوجه هيئة أخرى
فإذا لم تسترجع نضارته ولم تجدده الآن تصبح سالبا للحياة
وهل يبلغ الرجل حدا من الحماقة أكثر من أن يصبح قبرا لأنانيته
تستطيع خلال نوافذ عمرك أن ترى رغم التجاعيد هذا الزمن الذهبي في حياتك
فإذا ما عشت نسيا منسيا بلا ذكرى فسوف تموت وحيدا
وتموت معك صورتك
وتموت معك صورتك
أيها الجمال الذي خبت فتنته
علام كنت مسرفا حين أنفقت على نفسك كل ميراث حسنك
الطبيعة لا تورث شيئا لكنها تزود وتضفي
ولكونها كريمة معطاء فهي تضفي زادها على أولئك الكرماء
أيها الجمال البخيل علام هذه الإساءة في استخدام الهبات السخية التي وهبت لك لتمنحها بدورك
أيها المرابي الذي لا يكسب شيئا علام هذا الاستثمار
بهذا القدر الكبير من مقاديرك الكثيرة دون أن تحقق الحياة لنفسك
هذه التجارة التي تمارسها مع نفسك فقط سوف تقودك إلى أن تغش بيدك روحك العذبة
فكيف تكون عندما تدعوك الحياة إلى الرحيل عنها
وأي كلمة أخيرة مقبولة يمكن أن تتركها من بعدك
الجمال الذي لم يستثمر لا بد أن يثوي معك في قبرك
ولو استخدمته لأثمر لك وريثا في هذه الدنيا
تلك الساعات التي تصبح إطارا بالعمل السامي
حيث تجد كل عين مكانها الذي تسكن إليه وتلعب دورا طاغيا في نفس الظروف
وتكون الشيء الذي ينتج الشيء الجميل
فالزمن الذي لا يهدأ هو الذي يقود الربيع ويؤدي به إلى الشتاء البغيض
حيث يلقى هلاكه الأخير
لو أننا لم نحتفظ بزهور الربيع المقطرة كالسائل السجين حبيسة خلف جدران زجاجية
لضاع منا الجمال شكلا وأثرا ولم يبق منه ولا من ذكراه شيء يدل عليه , لكن الزهور المقطرة رغم أنها تشبه الشتاء لا تفقد سوى شكلها ويبقى جوهرها حيا عذبا
لا تدع يد الشتاء الخشنة تمحو عنك ربيعك قبل أن تتحول أنت إلى قطرات
كن قارورة رقيقة بشكل ما واكتنز نفسك في مكان ما مصطحبا بكنز الجمال
هذا الإستخدام ليس محظورا لأنه من أجل نفسك لتولد مرة أخرى
أو لتكون أسعد عشر مرات
تضاعفك من جديد
فما الذي يمكن أن يصنعه الموت إذا كان عليك أن ترحل تاركا نفسك حيا في كلمات تخلفك
لا تكن عنيدا متشبثا برأيك فأنت جميل إلى أبعد الحدود
أجمل من أن يغزوك الموت ويكون وريثك الدود الوحيد
اُنظر إلى الشرق حين يكون ضوء الشمس الفاتنة قد بدأ يدفع رأسها المشتعل
فكل عين على أديم الأرض السفلى ترفع نظرة الاجلال والتقدير إلى منظر طلعتها الوليد
معبرة بنظرتها عن الولاء والعرفان لجلالها العلوي
لقد تسلقت الجبل العالي الشديد الانحدار المرتفع إلى السماء
بينما تبدي نظرات البشر الفانين افتتانها بجمالها تتابعها بإخلاص في رحلتها القدسية الذهبية
ولكن عندما تصل عربتها متعبة إلى أعلى ذروة مسيرها
تبدأ الخروج من دائرة النهار مثل الإنسان الضعيف في نهاية العمر
والعيون التي كانت مذعنة لها من قبل تتحول الآن عنها
تتحول عن مجراها المنحدر متجهه بنظرتها إلى طريق آخر
هكذا أنت عندما تتخطى ذروة النضج في حياتك تموت وبلا نظرة من أحد ما لم تنجب خيرا
يا من تستمع إلى الموسيقى لماذا تنصت للموسيقى حزينا هكذا
الأشياء العذبة لا تصطرع مع الأشياء العذبة والفرج يبهجه الفرح
فلماذا لا تحب ما لا تسر بلقائك أو تتلقى بسرور ما يكدر صفوك
لو أن التوافق الحقيقي للأصوات المتناغمة جيدا يؤذي سمعك بتزاوج وحداته
فهي بذلك تعنفك برقة يا من تفسد التناغم
إذ تفصل بين الأجزاء التي يجب أن تبقيها معا
لاحظ كيف يكون الوتر الواحد زوجا عذبا للوتر الآخر
يستهل أحدهما تلو الآخر أنغامه بالتبادل مثل الأب والطفل والأم السعيدة
الذين يصبحون جميعا شيئا واحدا لحنا واحدا مفرحا للغناء
أغنية بلا كلمات تبدو لكثرتها أغنية واحدة تقول لك في غنائها
إن الوحيد في الحياة لا وجود له
يا للعار إذ تنكر أنك تحمل حبا لأحد يا من لست حكيما مع نفسك إلى هذا الحد
من المؤكد إذا شئت القول أنك محبوب من الكثيرين لكن الأكثر بينة من ذلك هو أنك لا تحب أحدا
لقد ملكَت عليك الكراهة القتالة زمام أمرك فلم تعد تستطيع أن تخلى عن التآمر ضد نفسك
باذلا جهدك لتخريب ذلك السقف الذي يعلوك والذي كان ينبغي أن يكون إصلاحه هدفك الأول
فلتغير أفكارك حتى أستطيع أن أغير نظرتي إليك
هل سكنى الكراهة في القلب أجمل من سكنَى الحب الرقيق
فليكن جوهرك مثل مظهرك كريما وعطوفا أو كن مع نفسك على الأقل رحيم الفؤاد
ولتصنع من أجل حبك لي إنسانا آخر لذاتك حتى يظل الجمال دائما حيا فيك وفيما تمتلك
بقدر السرعة التي تضمحل بها ستنمو كذلك في واحد من صلبك من ذلك الذي أنت مفارقه
ذلك الدم الجديد الذي تضعه في شبابك ستستعيد فيه صورتك بعدما تفارق أعوام الشباب
هنا تكمن الحكمة والجمال ودون هذا تكون الحماقة والهرم وصقيع الذبول
ولو فَكر الجميع هكذا فإن الأزمنة سوف تتلاشى
وفي خلال أحقاب ثلاث ينتهي هذا العالم
فلندع أولئك الذين لم تتخذهم الطبيعة زادا لها
أولئك القساة ذوي الوجوه البغيضة الأجلاف دعهم يموتون بعقمهم
وانظر إلى من أغدقت عليه هباتها تراها أعطته المزيد
هذه المنحة السخية عليك أن تعزز بقاءها بالسخاء
لقد نقشت وجهك على خاتمها
وكانت تعني بذلك أن عليك إنجاب المزيد كيلا تفنى تلك السلالة
عندما أعد دقات الساعة التي تعلن الوقت وأرى النهار الشجاع يهوى في الليل المخيف
عندما أرى ذروة النضج الوردية القديمة والشعر الأسود المعقوص الذي فضضه اللون الأبيض بأكمله
عندما أرى الشجر الوفير الثمرات عاريا من الورق الذي كان من قبل يظلل قطيع الماشية من الهجير
وحنطة الصيف وقد طوقت جميعها في حزم
حملها على عربات الحصاد ذو اللحية البيضاء الخشنة الشعر
هل أستطيع وقتئذ أن أسألك عن جمالك لأنك لا بد أن تذهب ضمن الذين يضيعون الوقت
مادامت الأشياء العذبة والجميلة تتخلى عن خواصها وتموت بنفس السرعة التي ترى بها الآخرين يكبرون
لا شيء يصلح للدفاع ضد منجل الزمن سوى النسل الذي يتحداه حين يلبسك الكفن
لو أنك تبقى للأبد كما أنت الآن
لكن إنك لا تملك نفسك إلا بمقدار حياتك في هذه الدنيا
فعليك أن تعد نفسك لتواجه هذه النهاية المقبلة وتخلع شكلك العذب على إنسان آخر
هكذا ينبغي لهذا الحسن الذي تحمله فترة من الزمن ألا ينتهي أبدا
فتحيا بذلك مرة أخرى بعدما تفنى حياتك عندما تحمل ذريتك الجميلة شكلك الجميل
من الذي يدع مثل هذا الكيان البديع يهوي إلى الفناء بينما الحياة الزوجية الشريفة يمكنها الحفاظ عليه
ضد الثورات العاصفة في أيام الشتاء والغضب المجدب وبرودة الموت الأبدي
ألا شيء سوى التبديد والضياع
أيها الغالي لقد كان لك أب فليكن لك ابن يناديك بالمثل
خارج الذكريات
عندما أفكر مليا في أن جميع الأشياء التي تنمو لا تبقى في حالة اكتمالها سوى لحظة قصيرة
لأن هذا المسرح الضخم لا يقدم شيئا هاما سوى العروض التي تؤَثر فيها النجوم بالتعليق الصامت
عندما أدرك أن الناس يتكاثرون كالنباتات يطعمون ويجوعون تحت نفس السماء الواحدة
يتيهون بقوتهم في سنوات الشباب وفي أوج العمر يضمحلون
ويحملون عهد شجاعتهم خارج الذكريات
ولأن التفكير في دورة الزمن الدائم التحولات يردك في مرأى العين وافر الفيض بالشباب
حيث الزمن المدمر يتحد مع الذبول ليحول نهار شبابك إلى ظلام
كل شيء في حرب مع الزمن من أجل حبك
فكلما أخذ منك أَضفت أنا إليك من جديد
لا أستخلص أحكامي من النجوم ورغم ذلك فإنني أعتقد أني عليم بالفلك
ولكن ليس لأخبركم بالحظ الطيب أو الحظ السيء أو الكوارث أو المجاعات أو خواص الفصول
كما أنني لا أستطيع التنبؤ بأحوالك في تفاصيلها الدقيقة محددا لكل حال عاصفته ومطره ورياحه
أو مخبرا الأمراء عن احتمال تحسن الأمور من التنبؤات العديدة التي أجدها في السماء
لكني أستقي معرفتي من خلال عينيك
فهي النجوم الوفية التي أجمع منها معرفتي حيث تزهر الحقيقة والجمال معا
لو أنك تحولت في حياتك عن اختزان نفسك
وإلا فإنني أتنبأ لك بهذه الحال
ستكون نهايتك هي النهاية الفاجعة للصدق والجمال
لماذا لا تسلك سبيلا أقوى وتشن حربا على هذا الطاغية الدموي الزمن
فتحصن نفسك في زمن ذبولك بوسائل أكثر صونا لك من شعري العقيم
فلتنتصب الآن على ذروة الساعات الفرحة
فالحدائق العذراء العديدة التي لم تلقح بعد
ستحمل برغبة طاهرة زهورك الحية على هيئة تشبهك أكثر من صورتك المرسومة
هكذا ينبغي أن تكون خطوط الحياة التي تجد الحياة
حيث لا يستطيع قلم هذا الزمن ولا ريشتي التي يعوزها الحذق
لا في قيمتك الداخلية ولا في طلعتك الجميلة أن تجعلك حيا بنفسك في عيون الناس
حين تنتقل صورتك إلى أطفالك يتواصل وجودك الحي
فلا بد أن تحيا في الصورة التي يرسمها ذكاؤك الخاص
من الذي سيصدق أشعاري في الزمن الآتي إذا كانت مليئة بفضائلك البالغة الرفعة
رغم أنها والسماء تعرف ما أقول ليست إلا شيئا كالقبر الذي يخفي حياتك
ولا يظهِر سوى نصف عناصرك
لو أنني أستطيع أن أعبر عن جمال عينيك وفي قصائد جديدة أعدد كل ما فيك من فضائل
فإن العصر الآتي سوف يقول هذا الشاعر يكذب
لأن مثل هذه اللمسات العلوية لم تلمس الوجوه الأرضية
هكذا يحق لأوراقي التي يطاردها عصرها بالنباح أن تحتقر
كالرجال المسنين الذين لا تتجاوز الحقيقة أطراف ألسنتهم
فيقال عن حقوقك الصادقة أنها أنغام ممطوطة لأغنية قديمة
أما لو كان لك وقتئذ طفل على الأرض يسري
فإنك تحيا عندئذ مرتين واحدة فيه والأخرى في شعري
هل أقارنك بيوم من أيام الصيف
أنك أحب من ذلك وأكثر رقة
الرياح القاسية تعصف ببراعم مايو العزيزة
وليس في الصيف سوى فرصة وجيزة
تشرق عين السماء أحيانا بحرارة شديدة
وغالبا ما يصير هذا الوهج الذهبي معتما
والروعة بأسرها تتلاشى عنها روعتها يوما ما
بالقدر أو الطبيعة التي قد تتغير دورتها بلا انتظام
لكن صيفك الخالد لن يذوي أبدا أو يفقد ما لديه من الحسن الذي تملكه
ولا الموت يستطيع أن يطويك في ظلاله عندما تكبر مع الزمن في الأسطر الخالدة
فما دامت للبشر أنفاس تتردد وعيون ترى سيبقى هذا الشعر حيا وفيه لك حياة أخرى
الزمن المفترس يلثم براثن الأسد ويجعل الأرض تلتهم أبناءها الطيبين
ينتزع الأسنان الباترة من فك النمر المتوحش ويحرق العنقاء المعمرة في دمائها
يصنع الفصول السعيدة والمؤسفة بينما تمضي أنت مسرعا
ويفعل كل ما كنت تريد ذلك الزمن السريع الخطى
إلى العالم الوسيع وكل لذائذه الزائلة
لكنني أمنعك عن جريمة واحدة بالغة البشاعة
لا تحفر بساعاتك جبين حبي الرائع ولا ترسم عليه خطوطا بقلمك القديم
دعه متدفقا دون أن تتلف مجراه من أجل نموذج الجمال الذي سيحتذيه من يجيء بعدنا
ثم افعل أسوأ ما لديك أيها الزمن العجوز فرغم إساءتك
سيبقى حبي حيا في قصائدي وشابا إلى الأبد
وجه امرأة رسمته يد الطبيعة وحدها
يا مالك القلب ويا معشوقته
لك قلب امرأة رقيق لكنك لا تعرف مثلها
الانتقال والتغير كما هو الحال في النساء الخادعات
عيناك أكثر ضوءا من عيونهن أقل زيفا في توجهاتها
تضفي نورها على الشيء الذي ترنو إليه
رجل أنت في طباعك دانت لك الخصال كلها
تخلب أعين الرجل تثير أرواح النساء
لقد خلقت في البدء على هيئة امرأة
وبعد أن أتمت الطبيعة زينتك شغفت بك حبا
وأقامت بيننا ما حرمني منك حين أضافت لك عضوا واحدا لا أبتغيه
لكنها طالما أبرزت منك ما يسعد النساء فلتكن لي محبتك وليكن لهن كنز عناقك
ليست المسألة بالنسبة لي كما هي بالنسبة لذلك الشاعر الذي استلهم أشعاره من الجمال المصطنع والذي يستخدم السماء نفسها كحلية للزينة ويعيد ذكر الشيء الجميل الذي يتعلق بأشياء حبيبته الجميلة صانعا بذلك مزيجا من المقارنة المتباهية مع الشمس والقمر مع الأرض وجواهر البحر النفيسة مع أول أزهار الربيع الوليدة وجميع الأشياء النادرة التي تطوق حواف الآفاق الضخمة للسماء الممتدة
دعني إذن صادقا في الحب مخلصا فيما أكتب
وصدقني وقتئذ إن حبي رقيق كالطفل مع أي واحدة من الأمهات رغم عدم التماعه مثل الشموع الذهبية الثابتة في فراغ السموات
دعهم يقولون المزيد مما يشابه الاشاعات إنني لا أثني على شيء تجوز فيه المساومات
مرآتي لن تقنعني بأنني صرت عجوزا مادام الشباب وأنت صنوين لكنني عندما أرى الغضون التي أحدثها فيك الزمان
أرى الموت الذي ينبغي أن تكفر عنه أيام حياتي
ولأن كل هذا الجمال الذي يشملك ليس سوى الثوب الجذاب لقلبي الذي يحيا في صدرك كما يحيا قلبك في صدري
فكيف يمكن إذن أن أكون أكبر منك عمرا
لهذا كن حذرا وحريصا على نفسك مثلما أنا حريص عليك ليس من أجلي فقط بل من أجلك أنت أيضا
حاملا قلبك الذي أحفظه بكل العناية الواجبة كالحاضنة الحنون التي ترعى طفلها خوفا عليه من المرض
فلا تتوقع أن تسترد قلبك عندما يموت قلبي
لقد وهبتني قلبك وليس لك أن تسترده مني
كممثل غير متمكن من فنه على خشبة المسرح تخرجه مخاوفه عن دوره المرسوم أو كشيء رهيب طافح بغضب لا حد له فيه وفرة من القوة التي تضعف قلب صاحبها هكذا أنا في فقدان الثقة بنفسي
أنسى أن أقول الكلمات الدقيقة المعبرة عن شعائر الحب وقوة حبي يبدو أنها بدأت تضمحل إذ زادت شحنتها بأعباء حبي الطاغي
فلتكن لقصائدي مهارتها في التعبير
لتكون رسلا صامتة لما يجيش به صدري الذي يلتمس الحب ويأمل في الجزاء أكثر من ذاك اللسان الذي طالما أفاض في التعبير
فلتتعلم أن تقرأ ما يكتبه الحب الصامت
السماع بالعين علامة الحب الذكي المرهف
لقد لعبت عيني دور الرسام فرسمت صورة للجمال على لوحة من قلبي
جسدي هو الاطار الذي يمسكها بداخله في أفضل منظور لفن ذلك الرسام
فمن خلال الرسام لا بد أن ترى مهارته وتعرف الوضع الذي تكمن فيه صورتك الصادقة التي ما زالت معلقة في صدر مرسمي حيث تعكس عينيك أجناب نوافذه الزجاجية
والآن فلتنظر إلى تلك اللفتات البديعة التي تتبادلها العيون
لقد رسمت عيناي صورتك بينما صارت عيناك نوافذا لصدري حيث الشمس من خلالها تبتهج بإطلالها عليك وإمعان النظر فيك
لكنها وهي تحدق ببراعة لترى ما ينقصها لتزيد فنها جمالا
لا ترسم شيئا سوى ما تراه غافلة عن القلب
دع أولئك الذين ترعى النجوم طوالعهم بالبشر والذين يتيهون بالمناصب العامة الرفيعة والألقاب المتعالية بينما أنا الذي حجب الحظ عنه أمثال هذا النصر لا أتوقع الفرح بما أجله إجلالا كبيرا
الأشياء الحبيبة للأمراء العظام تنتشر أوراقها الجميلة مثل ورث القطيفة في عين الشمس بينما يرقد زهوها في ذاتها دفينا لأنها عندما تتعرض للعبوس تموت في بهائها
المحارب الطامح الذي اشتهر بالنزال هزم مرة بعد آلاف الانتصارات فشطب اسمه نهائيا من سجل الشرف وصار إلى النسيان كل ما ناضل من أجله
فلأسعد أنا إذن لأنني أحب ولأنني محبوب حيث لا أمحو أحدا ولا يمحوني أحد
يا مليك حبي يا من أتوجه إليه خاضعا لقد وثق فضلك واجبي نحوك بقوة
فإليك أبعث هذه الافتتاحية المدونة لتكون شاهدا على الواجب
الواجب عظيم بينما الموهبة الفقيرة مثلي قد تجعله يبدو عاريا في احتياجه للكلمات لاظهارها
لكنني آمل أن يكون لي بعض المفهوم الطيب مثلك في أفكار روحك التي يؤويها الجميع رغم عريها
حتى تأتي النجوم التي تهدي حركتي
تشير إلي بلطف وسيماء بديعة
تكسو حبي البالي برداء مزدان لتظهرني جديرا باحترامك العزيز
وقتئذ قد أجرؤ على التيه بأسلوب محبتي لك
وإلى ذلك الحين لن أظهر وجهي حيثما أتوقع أن تفحصني
مرهق من الكدح وروحى أنهكها الترحال
عندئذ تبدأ رحلة في رأسي
تستحث ذاكرتي أفكاري من مكانها البعيد حيث أقيم
تنوي رحيلا طويلا متحمسا إليك
مبقية جفون عيوني التي يغلبها النعاس مفتوحة للنهاية
محدقة في ظلام مثل الظلام الذي يراه الأعمى
فيما عدا ذلك فالمشهد الخيالي الذي تراه روحي يقدم طيفك في رؤية لا تراها العين
كالدرة المعلقة في ليلة شبحية
تجعل سواد الليل فاتنا ووجهها القديم جديدا
هكذا ترى في النهار أوصالي وفي الليل ذكرياتي
حيث أفتقد الهدوء من أجلك مثلما أفتقده لذاتي
كيف أعود إذن إلى العهد السعيد بعدما حرمت من نعمة الراحة وغم النهار لا يخففه الليل
لكنه يتلاحق من النهار إلى الليل ومن الليل إلى النهار وكل منهما رغم أنه غريم لسلطان الآخر
يصافح الآخر إجماعا على تعذيبي
أحدهما بالكدح والثاني بالشكوى أشد ما أعاني وأنا مازلت عنك مبعدا
أقول للنهار كي أسعده إنك وضاء بالبهجة وإنك تنير عندما تظلم السحائب السماء
هكذا أيضا أطرى الليل في ظلامه الدامس المعقد
أقول إنك تشع زينة للسماء عندما تحتجب عنها النجوم المتلألئة
لكن النهار يثير أحزاني كل يوم طويلا
والظلام كل ليلة يجعل وطأة الأسى تبدو أشد وقعا
حين يكون الخزي مصيري وتزدريني عيون الرجال
أندب وأنا في عزلتي المطبقة حالتي الشريدة وأزعج السماء الصماء بنواحي الذي لا يجدي
انظر إلى نفسي وألعن مصيري متمنيا أن أكون مثل ذلك الغني بالأمل
وأن تكون لي مثله نفس الملامح ومثله أيضا يكون لي أصدقاء
تواقا إلى فن هذا الرجل والنظرة الشاملة لذاك لأن أكثر ما يسعدني أقل مما يرضيني
حين أستغرق في تلك الأفكار مشتدا في احتقار حالي وصدفة أفكر فيك عندئذ تتبدل أحوالي
مثل القبرة عند انبلاج الفجر في الأرض الحزينة تسبح لله بالغناء وهي على بوابة السماء
يفيض حبك الرقيق بالغنى إذا تذكرتك
إلى الحد الذي استنكف فيه أن أبادل نصيب الملوك بنصيبي
حين أكون في جلسات الفكر الجميل الساكن استدعي تذكارات الأشياء التي انقضت
أتنهد عند افتقاد العديد مما عنه بحثت
ومع المحن القديمة أندب من جديد الزمن العزيز الذي أحياه بلا جدوى
هل أستطيع أن أغض العين على غير عادتها عن مجراها
إلى الأصدقاء الغوالي الذين طواهم الموت في ظلامه السرمدي
فأبكي مرة أخرى مواجع الحب التي امحت منذ أمد بعيد وأنوح على خسارة الرؤى العديدة التي تلاشت
وهل أستطيع أن أحزن للأحزان الماضية وأمضي مثقلا من موجدة إلى موجدة تزيدها
هذي هي المحصلة الحزبية للأنين الذي عانيته سابقا والذي أسدده من جديد كأنه لم يسدد من قبل
لكنني فيما بين ذلك لو فكرت فيك كل الخسائر تستَرد وينتهي النحيب
لقد أصبح صدرك غنيا بكل القلوب التي يضمها والتي بافتقادي لها ظننتها ماتت
هناك يسود الحب وكل عناصره من الأشياء الحبيبية وجميع أولئك الأصدقاء الذين ظننتهم دفنوا
كم من دمعة قدسية شديدة الإيلام ذرفَتها عيني للحب الغالي الذي آمنت به
من أجل الموتى الذين يظهرون الآن مثل الكائنات التي انتقلت إليك لترقد مختبئة فيك
أنت القبر الذي يعيش فيه الحب الدفين معلقا مع تذكارات المحبين السابقين
الذين يعطونك مني جميع أنصبتهم فالذي كان حقا للكثيرين أصبح الآن لك أنت وحدك
إني أرى فيك جميع الصور التي أحببتها فيهم
أنت يا من تضمهم جميعا لك مني كل ماعندي
لو أنك عشت إلى يوم أجلي المحتوم حين يغطي الموت المشئوم عظامي بالرماد
ويبعث الحظ الحياة مرة أخرى في هذه السطور التعسة
قارنها بما سيكون في ذلك الوقت من كتابات أكثر تطورا ورغم كل الأقلام التي ستفضها وتعريها
ابق لها حافظا من أجل حبي لا من أجل شاعريتها
قد يتجاوزها من يفوقني في الموهبة حظا عندئذ لا تمنحني شيئا سوى هذا الخاطر الجميل
لو أن موهبة صاحبي كبرت معه وهو يتقدم في العمر كان من الممكن أن يتمخض
عن ميلاد أعز من هذا ليصبح أعلى منزلة وأعلى إعدادا
لكنه منذ أن مات وظهر شعراء مواهبهم أكثر غزارة فإني أقرأ أشعارهم لأسلوبها وأقرأ أشعاره لأنني أحبه
لو أنك عشت إلى يوم أجلي المحتوم حين يغطي الموت المشئوم عظامي بالرماد
ويبعث الحظ الحياة مرة أخرى في هذه السطور التعسة
قارنها بما سيكون في ذلك الوقت من كتابات أكثر تطورا ورغم كل الأقلام التي ستفضها وتعريها
ابق لها حافظا من أجل حبي لا من أجل شاعريتها
قد يتجاوزها من يفوقني في الموهبة حظا عندئذ لا تمنحني شيئا سوى هذا الخاطر الجميل
لو أن موهبة صاحبي كبرت معه وهو يتقدم في العمر كان من الممكن أن يتمخض
عن ميلاد أعز من هذا ليصبح أعلى منزلة وأعلى إعدادا
لكنه منذ أن مات وظهر شعراء مواهبهم أكثر غزارة فإني أقرأ أشعارهم لأسلوبها وأقرأ أشعاره لأنني أحبه
كم من الاصباحات العديدة الكاملة البهاء رأيتها تضفي جمالها على قمم الجبال بالنظرة الآسرة
تقبل بوجهها الذهبي السهول الخضراء
تطلي الجداول الشاحبة بالكيمياء السماوية لكنها سرعان ما تأذن للسحب السوداء باعتلائها
ويطمس تكاثفها القبيح وجهها المشع فتختفي بعيدا عن هذا العالم المجهور
حيث تنسل خفية في اتجاه الغرب مصحوبة بهذا العار
هكذا أشرقت شمسي ذات صباح باكر بكل جلال النصر فوق جبيني
لكن واأسفاه إنها لم تكن لي سوى ساعة واحدة فقط ثم حجبها الآن عني قناع السحب
ليس في هذا ما يدعو إلى هنيهة من الازدراء فشموس الأرض تطمسها البقع السوداء
إذا ما انطمست شمس السماء
لماذا وعدتني بيوم جميل وجعلتني أسافر بعيدا دون معطفي
وتركت السحاب الأسود يدهمني على طريقي حاجبا بهاءك خلف دخانه العفن
لا يكفي أن تطل من بين السحاب إطلالة قصيرة لتجفف المطر عن وجهي الذي لفحته العاصفة
فلن يستطيع أحد أن يتحدث بالخير عن مثل هذي التهدئة
التي تعالج الجرح لكنها لا تجعل العار يلتئم
حتى خجلك لا يمنح أحزاني الدواء ورغم أنك نادم فإنني ما زلت خاسرا
لأن أسف الآثم لا يقدم سوى ارتياح ضعيف لذلك الذي يحمل صليب الاثم العنيف
أواه إنها لألئ تلك الدموع التي يذرفها حبك وهي الغنى والتكفير عن كافة أعمال الشر
لا تواصل حزنك العميق على ذلك الذي فعلت
للورد شوك وللنوافير الفضية وحل
السحب والكسوف يظلمان القمر والشمس والدودة الكريهة تعيش في أجمل البراعم
كل الناس يقترفون الأخطاء حتى أنا
حين أبرر تجاوزاتك بهذه المقارنات مفسدا نفسي إذ ألتمس التبرير لاساءاتك
وألتمس الأعذار لآثامك أكثر من اقترافك لتلك الآثام
أما أخطاؤك الحسية فإني أضفي عليها الادراك السليم
يصير خصمك محاميك
أقدم التماسا قانونيا ضد نفسي فمثل هذه الحرب الأهلية تكمن في حبي وفي كراهتي
فلا بد أن أصبح من الضرورات الاضافية لذلك اللص الجميل الذي يسرقني بهذا الأسلوب الكريه
دعني أعترف أننا لا بد أن تكون اثنين رغم أن حبنا واحد
حتى تبقى تلك العيوب معي أنا
ودون عونك تولد وحدها عن طريقي
ليس في حبنا الثنائي سوى موقف واحد رغم أن حياتنا فيها ضغائنها المنفصلة
ورغم أنها لا تغير الأثر الفريد إلا أنها تسرق الساعات الحبيبة
ينبغي علي ألا أجاهر بما بيننا أبدا كي لا تجلب لك العار آثامي التي أندم عليها
عليك أنت أيضا ألا تشرفني جهرا بمحبتك كي لا ينتقص التشريف من سمعتك
مثلما يسعد الأب الذي أقعدته الشيخوخة حين يرى طفله الذكي يمارس أفعال الشباب
هكذا أنا وقد صرت معوقا بفعل الطبيعة الحاقدة
أجد راحتي الكبرى في منزلتك وفي حقيقتك
سواء كان الجمال أو الميلاد أو الثروة أو الذكاء أو أي من هذه أو كلها معا أو ما يزيد عليها
متوجا بين أجمل ما فيك من عناصر تكوينك فإنني أضيف حبي إلى هذه الكنوز
بذلك لا أكون معوقا ولا فقيرا ولا محتقرا طالما تمنحني تلك الظلال هذا الشعور
حتى أصبح قانعا تماما بما لديك من وفرة فأحيا بمشاركتك جزءا من هذا المجد العميم
كل ما ترى أنه أفضل شيء لديك هو أفضل ما أتمناه لك هذه هي أمنيتي تضاعف سعادتي عشر أمثالها
كيف تبحث عروس إلهامي عن موضوع للتعبير بينما أنت على قيد الحياة تتدفق
وأنت نفسك الموضوع الحبيب الرفيع الذي تردده كل التعابير الشائعة على الورق
إن الشكر عائد إليك لو كان هناك شيء لدي يبدو لعينيك مستحقا للثناء
وهل هناك أصم إلى حد الغفلة عن الكتابة عنك بينما أنت نفسك الذي تهب النور لموهبة التعبير
فلتكن أنت عروس الإلهام العاشرة ولتكن عشرات مرات أكثر جدارة
من عرائس الإلهام التسع القدامى اللائي يستلهمهن الشعراء
ولتدع ذلك الذي يستلهمك يكتب الشعر الخالد الذي يعيش على مر الزمن
لو أن عروس الإلهام الرقيقة تمنح السعادة لهذي الأيام الحرجة فليكن من نصيبي الألم وليكن لك أنت المديح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.