الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

الأعماق 4

منذ افترقت عنك  صارت عيني في عقلي
أما تلك العين التي توجه خطواتي فقد تنحت عن عملها وصارت نصف عمياء
تبدو كأنها ترى
لكنها مكفوفة عن الأداء
لأنها لا تؤول الصورة إلى القلب عن الطير أو الزهر أو الشكل الذي يلاقيها
أو المشاهد السريعة التي ليس للعقل دور فيها
أو الاحتفاظ برؤياها الخاصة التي تستجليها
لأنها لو رأت أقبح المشاهد أو أجملها
أرق الكائنات شكلا أو أبشعها دمامة
الجبل أو البحر النهار أو الليل
الغراب أو اليمامة فإنها تصوغها في الصورة التي تشابهك

هكذا أصبحت لا تستطيع شيئا آخر لأنها صارت ممتلئة بك
وهكذا يرى عقلي بصدقه البالغ صور كاذبة لما تراه عيني


هل أصبح عقلي  لأنه متوجا بك يشرب حتى الثمالة من هذه المداهنة التي تعتبر طاعون الممالك
أم ينبغي أن أقول أن ما تراه عيناي شيء حقيقي
وأن حبك هو الذي علمهما هذه الكيمياء

حين تحول الأشباح والأشياء التي لا شكل لها ملائكة جميلة لها جمال صورتك
وتحول كل الأشياء الرديئة إلى أشياء بالغة الحسن بمجرد ظهورها في خط النظر
إنها ما ذكرت أولا إنها المداهنة

وكثيرا ما يستلذها عقلي العظيم ويشربها بطريقة ملكية إلى آخر قطرة
لأن عيني تعرفان جيدا ذلك المذاق الملائم الذي يستطيبه عقلي
وتقومان بإعداد الكأس التي يروق له ما فيها من الشراب

لو أصابه التسمم فإن الإثم يكون ضئيلا
ما دامت العين تهوى المداهنة ومادامت هي البادئة



تلك السطور التي كتبتها من قبل كانت كاذبة حقا
حتى تلك التي قلت فيها إني أحببتك إلى أقصى حد مستطاع
ومع ذلك فإن عقلي لم يعرف السبب الذي جعل شعلتي الكاملة فيما بعد تتقد بشكل أكثر وضوحا
إنه الزمن المتعاقب الذي تزحف ملايين حوادثه فيما بين القَسم
فتغير مراسيم الملوك
وتشوه الجمال المقدس وتثلم أشد الرغاب حدا
وتحول العقول القوية إلى الاتجاه الذي يميله تغير الأشياء
واأسفا
لماذا وأنا أخشى طغيان الزمن لم أقل وقتئذ
"أحبك الآن أكثر"

حين كنت واثقا بشكل يتجاوز كل احتمالات الشك ممجدا الحاضر الذي أحياه شاكا فيما عداه
الحب طفل فهل ينبغي ألا أقول هذا لأتيح النماء التام لذلك الذي ما زال ينمو


لا تتركني في التزاوج بين أفكارنا الصادقة أدع سبيلا إلى العوائق
فالحب لا يكون حبا إذا تغير عندما تجد المتغيرات سبيلها إليه
أو إنحني خضوعا لما يمحو فيمحى
إنه علامة أبدية الثبات
تنظر للعواصف ولا تهتز أبدا
إنه النجم لكل السفن الهائمة
النجم الذي لا يعرف الانسان قدره رغم معرفة ارتفاعه

ليس الحب ألعوبة الزمن حتى لو كانت شفاهه وخدوده الوردية واقعة في قبضة منجله المطبقَة
فالحب لا يتغير بساعاته وأسابيعه القصار
لكنه يحفظها في طواياه إلى حافة الدينونه
فلو كان هذا الأمر خاطئا وكنت أنا برهان هذا الخطأ

فلا أكون قد كتبت شيئا أبدا
ولا إنسان أحب أبدا


لك أن تدينني لأنني أهملت كل شيء
فحين كان ينبغي أن أرد بالعطاء على أفضالك الكبرى
نسيت أن أمد ندائي إلى حبك الغالي الذي تربطني به جميع العهود يوما بعد الآخر

لأنني كنت غالبا مع الغرباء فأعطيتهم من وقتي ما هو حق عزيز لك
ولأنني أبحرت أينما دفعتني الرياح حيث رحلت إلى أبعد مكان عن ناظريك

فلتسجل كلا من أخطائي المقصودة وغير المقصودة ولتضع على رأس القائمة كل ما تراه بالبرهان الحق
استحضرني في نطاق غضبك
لكن لا تطلقه نحوي في غمرة كرهك المستثار ما دامت مناشدتي تقول إنني أسعى جاهدا

لأثبت ما في حبك من الولاء وجميل السجايا


عندما نريد أن نفتح شهيتنا
نستثير بالمشهيات الحريفة أفواهنا المنهكة مثلما نمنع الأمراض غير المرئية مسبقا
حين نحقن أنفسنا بالمصل الواقي لنتجنب الإصابة

وحينما أكون ممتلئا بحسنك الذي لا يتخم النفس
فإنني أضع إطارا من مرق التوابل المرة حول غذائي
وإذ أصبح مريضا بسعادتي البالغة فإني أشعر بنوع من الرضا
بأن أكون مريضا قبل أن تصبح الحالة ماسة لذلك

هكذا سياستي في الحب أن أحبط بعمل مسبق الأمراض التي لم تقع بعد
فأقترف الأخطاء التي ستحدث بالتأكيد وأضع تحت العلاج حالتي الصحية السليمة
والتي من خلال فيضها بالعافية  يكون في المرض شفاؤها
من ذلك تعلمت وعرفت درسا صادقا

فهذه العقاقير لا تسمم سوى من وقع مريضا بهواك


ياللجرعات التي شربتها من دموع الإغواء
التي قَطرتها آلات شريرة كأنها تحتوي على الجحيم
تنشر الخوف في الأمل
وتنشر الآمال في المخاوف
فأكون الخاسر دائما حينما أتوقع الربح في نفسي
يا للخطايا التعسة التي اقترفها قلبي بينما كان يظن أنه لم يحظ من قبل بمثل هذا النعيم
كيف أطلت عيناي من مآقيهما حتى تحجرتا
حين اجتذبتهما هذه الحمى التي تثير الجنون
فلتنتفع من المرض هذا هو ما أراه الآن صحيحا لأن الخير يتحقق دائما بسبب الشر

والحب الذي تهدم إذا ما أعيد بناءه سينمو في صورة أجمل مما كان عليه
أكثر قوة وأعظم قدرا

هكذا أعود مطهرا إلى نفسي القانعة المرضية وقد جنيت من خلال الذنوب ثلاثة أضعاف ما أنفقت


تؤنسني الآن قسوتك السابقة معي وبسبب ذلك الألم الذي عانيته وقتئذ
لا بد أن أنحني تحت وطأة قسوتي الآن عليك ما لم تكن أعصابي من النحاس أو الصلب المطروق

فلو كنت من قسوتي قد عانيت مثلما عانيت أنا من قسوتك فإنك تكون عشت زمنا في الجحيم
وأكون أنا كالمستبد لم أتخذ لنفسي فسحة من الوقت لأقدر حجم الآلام التي قاسيتها من جريمتك

آه من عذابنا في الليل
يذكرني بقسوة الألم الصادق حين يضرب في عمق أعماق مشاعري
لكنني عندئذ سرعان ما أقدم إليك نفس الشيء الذي تقدمه لي
إنه الاعتذار المتواضع الذي يناسب الأرواح الجريحة

ومادامت خطيئتك الآن أصبحت عقابا واجب السداد
فإن خطيئتي تغفر خطأك  وخطيئتك لا بد أن تغفر خطأي


من الأفضل أن تكون شريرا على أن يظن بك الشر
فعندما تكون شريرا وتتلقي التوبيخ يضيع السرور الحق الذي يرتبط إلى حد بعيد
لا بمشاعرنا نحن ولكن بما نراه في نظرات الآخرين
لماذا تتلهف عيون الآخرين الطافحة بالكذب والفسق
على التهليل بممارساتي العاطفية النشطة
ولماذا يتجسس أصحاب الخطايا الكبرى على أخطائي الصغيرة
التي يرونها بشهوانيتهم أمرا سيئا بينما أراها شيئا حسنا

كلا فأنا هو ما أنا عليه
أما أولئك الذي يريدون النيل مني فإنهم يكتشفون عوراتهم حين يهاجمون مساوئي
إنني صريح وواضح وهم الخبثاء الماكرون
لهذا لا بد ألا تشاهد أفعالي من خلال أفكارهم الموبوءة إلا إذا أثبتوا بطلان هذا القول العميم عن الشر
جميع الناس سيئون وفي سوء أفعالهم يبتهجون


هذه المفكرة التي أهديتنيها أحفظها في فؤادي منقوشة بأكملها في ذاكرتي إلى الأبد
حيث ستبقى عمرا أطول من هذا الورق الفاني وتتجاوز جميع الأزمنة
حتى زمن الخلود
أو على الأقل ما دام العقل والقلب على قيد الحياة التي تأذن بها الطبيعة
حتى يسلم كل منهما إلى النسيان المطلق ما يخصه منك
سيبقى ذكرك حاضرا لا يضيع أبدا

فهذه المفكرة المسكينة لا تستطيع أن تحفظ الذكرى بقوة
كما أنني لا أحتاج إلى شيء أسجل عليه حبك الغالي
ولهذا فإنني كنت جسورا حين تخليت عنها
ووثقت في ذاكرتي التي تتلقاك لتحل فيها بصورة أفضل

لأنني لو حرصت على وسيلة تعينني على ذكراك فهذا يعني أن النسيان أصبح عنصرا في تكويني



لا أيها الزمن لن تستطيع المباهاة بأن التغير يطرأ علي
إن أهراماتك التي شيدت بعزيمة جديدة ليست بالنسبة لي شيئا جديدا وليست شيئا غريبا
إنها ليست سوى محاكاة لمشهد سابق
ولأن آجالنا قصيرة فنحن نبدى إعجابنا بهذا الشيء القديم الوهمي الذي تدسه علينا
وتجعله يولد من جديد فتقبله أذواقنا دون التفكير في أننا قد سمعناه من قبل
إنني أتحداك أيها الزمن وأتحدى سجلاتك
بلا تعجب لهذا الحاضر
ولا ذلك الماضي
فلا ما سجلته سابقا ولا ما نراه بين أيدينا
قد أضاف أو أنقص شيئا في تتابع مسيرك العجول

هذا هو ما أقسم عليه وهذا هو ما سوف يبقى إلى الأبد
وسوف أبقى صادقا رغما عنك
ورغم منجلك الحاصد


لو أن حبي الغالي لم يكن سوى وليد لأمور الدنيا فسوف تسقط عنه الأبوة باعتباره وليد الظروف
خاضعا لما يجمله إليه الزمن من الحب أو الكراهية

يحصد كالنبتة الجافة بين العشب الجاف أو كالزهور مع الزهور
لقد تم بناؤه بعيدا عن المصادفات
ولم تكن معاناته من الأبهة الباسمة ولا من السقوط مكرها تحت وطأة عدم الرضا
التي تدعونا إليها أحوال زماننا
إنه لا يخشى السياسة الزائفة التي تمارس كالعلاقة المبرمة لساعات قصار معدودة
لأنه يقف متفردا تماما في سياسة عملاقة لا تتمدد بالحرارة ولا تغرقها السيول

بذلك أقف شاهدا على أولئك الذين تلهو بهم الأيام
وهم يموتون في شوق إلى العمل الطيب بعد حياة غارقة في الآثام


هل كان ينبغي أن أكون ممن يسيرون في مواكب الكبراء
معبرا بمظهري الخارجي عن اجلالي للمظاهر الخارجية
أو بالقصائد الطنانة التي يقصد بها التخليد
والتي أثبتت أنها أقصر عمرا من اليباب أو الحطام
ألم أشاهد أولئك الذين كرسوا حياتهم للمظاهر والمحاباة
يخسرون كل شيء  بالاضافة إلى ما يدفعونه من ثمن باهظ للغاية
من أجل المتعة المركبة  يضيعون مذاق الفرح البسيط
أولئك المزدهرون الذين يرثى لافلاسهم بما أنفقوا لكسب المظاهر
دعني أُكرس توددي إلى قلبك
ولتتقبل عطائي المتواضع الذي أقدمه بلا مقابل
صافيالم يختلط بماديات الحياة ولم تغيره فنون العرض
ولكنه عطاء مني إليك فقط

فلننبذ الأفكار الزائفة والمظاهر الزائفة فالروح الصادقة
كلما ازدادت حدة الآخرين في تجريحها صارت أقل رضوخا لأحكامهم



أنت يا أيها الحبيب
يا من تملك بين يديك مرآة الزمن المتقلبة وساعة منجله
يا من كبرت مع أيامه الغاربة حتى أصبح واضحا أن محبيك يتقدمون في العمر
بينما يزداد شبابك جمالا
لو أن الطبيعة التي تمارس سيادتها على الحطام تحفظك من التقدم في العمر وأنت تمضي قدما
لتثبت في حفاظها عليك أنها قادرة على ذلك فتلحق الخزي بالزمن وتقتل الدقائق الفاجعة
لهذا  عليك أن تخشاها  يابن لذتها المدلل
فهي قد تحجب تأثير الزمن عليك  يا كنزها
ولكن ليس إلى الأبد

لأن حسابها النهائي مهما تأجل لا بد أن يسدد
وتسويتها الأخيرة تتم حين تسلمك إلى براثن الموت


في العصور القديمة  لم يكن الأسود يعد  لونا بديعا
وإذا افترضنا أنه كذلك  فإنه لم يكن يحمل اسم الجمال
أما الآن فقد أصبح اللون الأسود وريث الجمال
وشاهت سمعة الجمال بالخزي كأبناء الزنا
فمنذ اعتادي كل يد أن تكتسي بقوى الطبيعة
وتجمل القبح بالمواد التي تجعل الوجه زائفا مستعارا
لم يعد للجمال العذب اسم
ولا مقاس مقدس
بل أصبح مهملا فضلا عن الاستهجان الذي هبط إليه
لهذا فإن حواجب معشوقتي فاحمة السواد
وكذلك عينيها شديدتي السواد كأنهما في رداء الحزن
على من لم يولد جميلا لكن لا ينقصه الحسن
وهو يشوه إبداع الطبيعة بالقيم الزائفة

هكذا يبدو حزنها متسقا مع همها الدفين
حتى ينطق كل لسان قائلا أن الجمال هكذا ينبغي أن يكون

 حين أستمع إليك يا نغمي
وأنت تعزفين على تلك المفاتيح الخشبية التي يصدر عنها اللحن البهيج
تتمايل برقة تحت أصابعك الجميلة فتبعث أوتارها توافقا نغميا تنتشي له أذني
لشد ما أحسد المفاتيح التي تهبط وتصعد برشاقة فتقبل باطن كفك الحنون
بينما تظل شفتاي المسكينتان اللتان ينبغي لهما قطف هذا الحصاد
واقفتين في استحياء أمام جرأة المفاتيح
وإذ تتعرضان لهذه الاثارة تغيران حالهما وموقفهما مع تلك المفاتيح الراقصة
التي تسير عليها أصابعك في مشية رقيقة
تجعل المفاتيح في نعيم لا تعرفه شفتاي النابضتان بالحياة
وما دامت تلك المفاتيح الأنيقة سعيدة للغاية بما هي فيه
فلتعطيها أصابعك ولتعطيني شفتيك لأقبلهما


إنفاق الطاقة الروحية في اليباب المخزي
هو الشهوة في تأججها وإلى أن يتم إشباعها
يكون الانسان كاذبا قاتلا طافحا بكل ما يستحق اللوم
متوحشا مبالغا سيئا  قاسيا  ليس أهلا للثقة
فور تذوق متعتها سرعان ما نلفظها
نقتنصها في حالة لا يتحكم فيها العقل سرعان ما تنتهي
ويحل جنون الكراهة كالسنارة في الحلق
وضعت عمدا لتجعل طاعمها مجنونا
مجنونا بملاحقتها  مجنونا بمطاردتها متطرفا في اقتناصها واعتناقها
فهي النعيم عند ممارستها فإذا بَلَغَت ذروتها جاء الندم العميق
لقد كانت قبل ذلك الفرح الموعود في أعطاف الحلم
هذه الأشياء كلها يدركها العالم تماما ورغم ذلك لا يعرف أحد بالتحديد
كيف ينأى بنفسه عن الجنة التي تقود الناس إلى هذا الجحيم


عينا معشوقتي لا تشبهان الشمس
المرجان أشد احمرارا من شفتيها
إذا كان الثلج أبيض فلماذا نهداها داكنان
لو كان الشعر سلكا فعلى رأسها تنمو أسلاك سوداء
لقد رأيت ورودا امتزجَ فيها اللون الأحمر بالأبيض لكنني لا أرى مثل تلك الورود في خديها
وفي بعض العطور رائحة أكثر إمتاعا من الأنفاس التي تفوح من معشوقتي
أحب أن أسمعها وهي تتكلم وأنا أعرف تماما أن الموسيقى لها صوت أكثر إمتاعا
أقر أنني لم أشاهد أبدا إلهة تمشي
فعندما تمشي معشوقتي فهي على الأرض تسير
ومع ذلك فإنني أقسم بالسماء إن حبيبتي لا أحد يضاهيها
الوصف  تناتا
فهي كأي امرأة أخرى يمدحها عاشقها بصفات ليست فيها



أنت مستبدة
وهي حقيقتك التي أنت عليها
مثل أولئك الذين يدفعهم الاعتزاز بجمالهم إلى أن يكونوا قساة
وأنت تعرفين جيدا أنك في قلبي المغرم المشغوف أجمل الجواهر وأغلاها جميعا
ورغم ذلك فبعض الناس يقولون بإخلاص عندما يرونك
إن وجهك ليس آسرا بما يثير تأوهات العاشق
وأنا لا أستطيع أن أجترئ على القول بأنهم مخطئون
ومع هذا فإنني أقسم بذلك أمام نفسي عندما أكون وحيدا
ولكي أبرهن أن ذلك ليس خاطئا فإنني أقسم
إن آلاف التأوهات عندما أحصر تفكيري في وجهك فقط
وهي تتلاحق مسرعة واحدة إثر الأخرى هي التي تكون شاهدا
على أن سوادك هو الأجمل بدلا عن حكمي
إنك لست سوداء في شيء سوى ما تفعلين
ومن أفعالك تلك تبدأ فيما أعتقد إساءة الآخرين


أحب عينيك وهما كما لو كانتا تشفقان علي تعرفان أن قلبك الذي يعذبني بالترفع
ألبسني السواد وجعلني محبا للنواح مطلا بشفقة دافقة على آلامي
وفي الحقيقة لم تكن شمس الصباح في السماء
تزين خدود الشرق الرمادية على أكمل وجه
ولا ذلك النجم الساطع الذي يتلألأ في السماء يبعث في الغرب المعتم نصف ذلك البهاء
مثلما تفعل تلك العينان الحزينتان في صفحة وجهك
فلتدعيها إذن لتكون الصورة التي تليق بقلبك لتبكي من أجلي ما دام البكاء يضفي عليك الجمال
ولتدعي الشفقة تسكن كل كيانك

أُقسم وقتئذ أن اللون الأسود هو الجمال بعينه
وأنهم جميعا أشرار أولئك الذين ليس لهم لون بشرتك


ملعون ذلك القلب الذي يدفع قلبي إلى الأنين
من ذلك الجرح العميق الذي أصاب صاحبي وأصابني
ألم يكن كافيا أن يعذبني وحدي
فيرغم صديقي الحبيب أيضا على أن يكون عبدا للعبودية
لقد أخذتني عيناك القاسيتان من نفسي
وجعلت صاحبي تحت وطأة أشد وقعا
ها أنا أصبحت مهجورا منه ومن نفسي ومنك متوجعا تحت سعير ثلاثي مكعب الايلام
فلتسجني قلبي في صدرك الفولاذي
ولتطلقي قلب صديقي وليكن البديل قلبي البائس
الذي يسجنني دائما
ولتدعي قلبي يكون له حارسا
حتى لا يمكنك استخدام القسوة حيثما سجِنت
عندئذ وقد صرت سجينا بداخلك ما شئت أفعلي
لقد صرت مملوكا لك مثلما أصبح كل ما في داخلي


ها أنذا الآن أعترف أنه أصبح ملكا لك
وأنني أصبحت عبدا لرغبتك
سأضع نفسي رهينة حتى تستطيع نفسي الأخرى أن تستعيدك لتكوني لي النعيم المقيم
لكنك لن توافقي ولا هو يريد أن يعود حرا لأنك تشتهين ما ليس لك
لقد أراد أن يحميني فاتخذ مكاني لديك تحت ذلك العقد الذي سرعان ما شد وثاقه إليك
ستتخذين من جمالك الأداة التي تستخدمينها مثل المرابي الذي يطلب أقصى فائدة لما يقدمه
ثم تقاضين الصديق الذي صار مدينا من أجلي
وهكذا أفقده لموقفي غير المترفق به
لقد أضعت صديقي أما أنتِ فقد أَخَذتنا معا هو وأنا
إنه يدفع كل شيء
ورغم ذلك فما زلت أنا مرتهنا

من الذي يقضي وطرها لقد كانت لديك الرغبة كما كانت لديك العزيمة والشهوة الوافرة
إني أملك ما يفيض عن حاجتها  أنا الذي أطيل النقاش دائما معك
حين أضيف ما لدي إلى رغبتك العذبة
فهل تراك يا صاحب الإرادة الكبيرة الشاملة تتعطف مرة فتخبئ ما أهواه فيما تهواه
هل تبدو لك رغبة الآخرين جميلة حقا وفي رغبتي لا يبزغ شعاع القبول الجميل
البحر رغم امتلائه بالماء دائما يستقبل المطريجمع المزيد من الماء إلى مياهه الوافرة
هكذا أنت أيضاً تضيف إلى مشيئتك وأنت الغني بالمشيئة
تضيف بغيتي الوحيدة إليك لتصبح مشيئتك العظمى شاملة
لا تدع للقسوة مكانا ولا تقتل محبيك الذين يطلبون الوداد
أمعن النظر تراهم شخصا واحدا
وتراني أنا ذلك الشخص المراد


إذا أنبتك روحك على أنني صرت أقرب ما يكون إليك
فلتقسمي لروحك العمياء بأنني وقتئذ حملت رغبتك وروحك تعرف إن الرغبة شيء مسلم به هناك
حتى يتلاءم حبي تماما مع حبك لي أيتها الحبيبة الغالية
هل تستطيع الرغبة أن تملأ كنز حبك
فلتملأه إذن بالرغبات ولتكن رغبتي إحداها
ففي الأشياء التي تستوعب الكثير يسهل أن نبرهن
على أن الشيء الواحد بين العدد الكبير لا يساوي شيئا
دعيني أذهب إذن دون احتساب في العدد
رغم أنني في حسابك المختزن لا بد أن أكون واحدا
فلتعتبريني لا شيء لديك ما دام يسعدك الابقاء
على هذا الأنا اللاشيء كشيء حبيب إليك
إتخذيني لك حبا وحبيبا إلى الأبد
عندئذ سوف تحبينني فأنا مطلب الجسد


أيها الحب الأعمى الأحمق ما الذي فعلتَه بعيني حتى أصبحتا تشاهدان ما لا تشاهدان
إنهما تعرفان معنى الجمال وتعرفان موطنه
ومع ذلك صارتا تعتبران أدنى مستويات الجمال أعلاها قدرا
فلو أنهما أصبحتا خربتين من مداومة النظر المغرض
ثابتتين في مرسى الخليج الذي يركب كل الناس فيه
فلماذا صنعت الخطاف من رؤية عيني الضليلتين
حيث قيدت مصير قلبي إليه
لماذا يعتقد قلبي أنه مستأثر لنفسه بمن يحب
وهو يعرف أنه مكان عام للعالم بأسره
أم أنني أنفى ذلك مع أن عيني تشاهدانه
حتى أضع جمال الصدق على مثل ذلك الوجه البغيض
لقد أخطأ قلبي
وأخطأت عيناي النظر إلى الأشياء الحقة الصادقة
حتى تحول نظرهما إلى ذلك البلاء الزائف


عندما تقسم أنها مطبوعة على الاخلاص فإني أصدقها  
رغم علمي بأنها تكذب
حتى تظن أنني لست سوى عديم الخبرة غافل عن ألاعيب الزيف
هكذا يصبح تفكيرها عبثا حين تعتقد أنني صغير
ورغم علمها بأنني تجاوزت سن الرشد
إلا أنني أتظاهر بالسذاجة في التصديق على كلامها
بذلك تختفي الحقيقة البديهية
لكن لماذا لا تقول بنفسها إنها غير مخلصة
ولماذا لا أقول أنا لها بأنني كبير السن
إن أَفضَلَ ثوب هو الثقة الجلية
والعمر الذي نقضيه  لا يحب لسنواته أن تحصى
لذلك أكذب معها وتكذب معي
يتملق كل منا الآخر بالكذب الذي نخفي به أخطاءنا


لا تطلبي مني أن أبرر الخطأ الذي يثقل به على قلبي عدم اخلاصك
لا تجرحيني بعينك لكن بلسانك
استخدمي القوة للقوة
لا تقتليني بالمكر
قُولي أنك تمارسين الحب حين تكونين أمام بصري
يا حبيبة القلب
  كفي عن الغمز خفية بعينك
ما حاجتك إلى جرحي بالخداع إذا كانت قوتك أكبر مما يستطيع أن يصمد له دفاعي الخامد
دعيني التمس لك العذر
 إن حبيبتي تعلم جيدا
أن لفتاتها البديعة صارت عدوي ولهذا فهي تحَول أعدائي بعيدا عن وجهي
حتى يسددوا أذاهم إلى مكان آخر

أرجو ألا تفعلي ذلك فما دمت قد صرت شبه ذبيح
فاقتليني دفعة واحدة بنظراتك وخلصيني من ألمي


كوني حكيمة مثلما أنت قاسية
لا تخمدي الصبر المقيد في لساني بالازدراء
كيلا يمدني الحزن بالكلمات فتعبر الكلمات عن طبيعة آلامي وحاجتها إلى الشفقة
لو كان علي أن أعلمك الحكمة فأفضل شيء رغم أنك لا تحبينني أن تقولي أنك تحبينني
فأنا كالمرضى في سرعة غضبهم حين يصبحون على شفا الموت
لا يستمعون من أطبائهم إلى شيء سوى الحديث عن حالتهم الصحية
فإذا كان لا بد أن يصيبني اليأس فلا بد أن يصيبني الجنون

وفي غمرة جنوني لا بد أن أتحدث عنك بالسوء
لقد أصبح الآن هذا العالم الشرير المسيء أليما إلى أقصى مدى
فمشوهو السمعة المجانين يجدون الآذان المجنونة التي تصدق ما يشيعون
وكيلا أكون واحدا من أولئك ولا أنت أيضا منهم تكونين

أنظري باستقامة إلى الأمام رغم قلبك المغرور الذي ينحرف عن الصراط المبين


لا أستطيع حقا أن أحبك حسبما تراه عيوني لأنها ترى فيك ألفا من الأخطاء
لكنه قلبي هو الذي يحب ما تزدريه العيون وهو سعيد بمداومة الشغف رغم كل ما أرى
أذناي ليستا سعيدتين بما ينطقه لسانك
ولا شعوري الحساس يلبي لمساتك الفجة
ولا تذوقي ولا شمي يرغبان في الاستجابة إليك والانفراد معك في متعة جسدية
لكن لا مداركي الخمسة ولا حواسي الخمس تستطيع أن تثني قلبي الأحمق عن مباشرتك
تاركا هيئتي البشرية الخارجية لا تملك أمر نفسها

إنه عبد لقلبك المختال وخانع بائس
هكذا أحتسب بلائي هذا الكسب الذي أجنيه
فهذه التي تحضني على اقتراف الذنب هي التي تكافؤني بالألم



الحب خطيئتي والكره عفتك الوحيدة تكرهين خطيئتي لأن الحب المحرم أساسها
لو قارنت حالتي بحالتك
ستجدين أنني لا أستحق اللوم
فإذا كنت أستحقه فليس من شفتيك هاتين اللتين انتهكتا زينتهما
وختمتا المواثيق الزائفة للحب مثلما فعلت أنا
حينما كنت تسرقين من أَسرة الأخريات حقهن في أزواجهن
فليكن حبي لك مشروعا مثلما تحبين أنت أولئك
الذي تتودد إليهم عيناك بينما عيناي تلحان عليك

إغرسي جذور الرحمة في قلبك حتى إذا ما نمت صارت رحمتك جديرة بأن تنال الرحمة
فإذا كنت ترومين الحصول على ما تمنعين فسوف تحرمين على نفس الدرب الذي تسلكين


مثل سيدة الدار المدبرة عندما تجري لتمسك واحدا من طيورها التي تفر منها بعيدا
تجلس ابنها وتهرول مسرعة وهي تلاحق ذلك الشيء الذي تريد الامساك به
بينما طفلها الذي أغفلت مراقبته يلاحقها
يبكي ويحاول الامساك بها
أما هي فقد تركز انتباهها على متابعة ذلك الذي يطير أمام وجهها
دون اعتبار لأهمية صراخ طفلها المسكين

هل تسرعين خلف ذلك الذي يطير منك بنفس الطريقة
بينما أنا طفلك ألاحقك على مسافة بعيدة خلفك
فهل تمسكين بمن هو أملك
وتستديرين ملتفتة إلي
وتلعبين دور الأم  فتقبلينني وتكونين الأم الحنون

هكذا سوف أصلي لكي تضمي إليك طفلك
إذا ما نظرت إلى الوراء وكان بكائي ما يزال عاليا


لدي حبيبان
أحدهما للتفاؤل والآخر لليأس
كأنهما شبحان يواصلان حثي على العمل
ملاك طيب في صورة إنسان جميل الطلعة وشبح سيء على هيئة بغيضة اللون
تقوم الروح الشريرة لكي تشدني سريعا إلى الجحيم
فتغري ملاكي الطيب وتجذبه بعيدا عني
لتفسده وتحوله إلى روح شريرة مغوية نقاءه بحرارة شهوتها الكريهة
هل من الممكن أن يتحول ملاكي إلى شيطان
ما دمت أشك في الأمر لا أستطيع أن أجزم بذلك
وطالما أنهما معا بعيدان عني وكلاهما صديق للآخر
فإنني أتصور الملاك الطيب في جحيم الروح الثانية

لكن هذا هو ما لن أعرفه أبدا
ولهذا سأبقى في الشك
حتى يلفظ ملاكي الشرير ملاكي الطيب ويطرده بعيدا


تلك الشفاه التي صنعتها يد الحب أطلقت الصوت الذي قال إني أكره
أنا الذي أضنيت نفسي من أجلها
لكنها حينما رأت حالتي الأليمة دبت الرحمة فورا في قلبها
لائمة ذلك اللسان الذي بالرقة دائما كان يستخدم
وعلمت شفاهها التحية والترحيب من جديد

غيرت إني أكره بالكلمات التي أضافتها في النهاية
فجاءت بعدها مثل النهار البديع الذي يعقب الليل الذي أراه كالشيطان
يطاح به بعيدا من السماء إلى الجحيم

لقد نفت الكراهية عن كلمة إني أكره وألقت بها بعيدا
وأنقذت حياتي حينما استدركت قائلة
ليس أنت


أيتها الروح البائسة
يا مركز تربتي الآثمة
أيتها المخدوعة بهذي القوى المضطرمة التي تتلبسك
لماذا يصيبك الهزال داخلها وتعانين الجفاف وتنمقين حوائطك الخارجية بهذا المرح الباهظ

فرصة الحياة بالغة القصر فلماذا كل هذا الثمن تنفقينه على هذا المنزل الغارب

سيقوم الدود وارث هذي القوى الوافرة بالتهام هذي الوديعة التي تحملينها في جنبيك
نهاية جسدك
عيشي إذن أيتها الروح على فقدان خادمك ودعي ذلك التلاشي يزيد ما تختزنين
إكسبي العهود الخالدة بالتخلي عن الساعات الزائلة
كوني مشبعة في داخلك
لا تضيفي للمظهر الخارجي مزيدا من الغنى
بذلك سوف تتغذين على الموت الذي يتغذى على حياة الناس
لو أن الموت ذات يوم مات فلن يكون هناك موت مرة أخرى


حبي يشبه الحمى التي تشتاق لذلك الذي يغذي المرض لفترة أطول
الرغبة المريضة التي لا تثق في قدرتها على تحقيق النشوة
عقلي طبيب يباشر حبي غاضب لأن توصياته لم تكن موضع الالتزام
لقد تركني ومضى

وها أنا الآن في يأسي أحاول أن أثبت أن الرغبة التي ترفض علاج العقل تؤدي إلى الموت

لقد تخطيت فرصة الشفاء وأصبح العقل الآن بعيدا عن الحرص
أكاد أجن بهذا القلق الذي يتزايد دائما
صرت كالمجانين في أفكاري وفي أحاديثي
أعبر عن الحقيقة عشوائيا وبطريقة عبثيه
لأنني أقسمت أنك رائعة واعتقدت أنك ساطعة
بينما
أنت كالجحيم مظلمة كالليل


أي عيون وضعها الحب في رأسي
تلك التي لا تتواصل مع النظر الصحيح
وإذا ما كانت ترى فأين اختفت قدرتي على الحكم السليم
حتى أصبحت أخطئ في الحكم على الشيء الصحيح الذي تراه العيون

فإذا ما كانت جميلة
تلك التي شغفت بها عيناي المخطئتان فما الذي يعنيه قول الدنيا عنها أنها ليست كذلك
فإن لم تكن هكذا فسوف يشير الحب جيدا إلى ذلك
لأن عين المحب ليست صادقة تماما فيما يراه الجميع

كيف يكون هذا
كيف تكون عين المحب صادقة  وهي متأثرة إلى أبعد حد بإطالة النظر
وبالدموع
فلا عجب إذن لو أخطأت فيما أرى

فالشمس نفسها لا ترى جيدا إلا بعدما تصفو السماء

أيها الحب الماكر
أبقيتني بالدمع في هذا العمى كيلا ترى عيناي إن صح النظر أخطاءك الآثمة


هل تستطيعين القول أيتها القاسية  أنني لا أحبك
حين أكون ضد نفسي منحازا إلى جانبك
ألم أكن أفكر فيك، عندما نسيت كل شيء يخصني تماما من أجلك أنت
من ذا الذي يكرهك وأدعوه رغم هذا صديقي
وهل أتودد إلى من تقطبين في وجهه
لا فلو قطبت بوجهي أنا  أفلا أعمل على الانتقام من نفسي بما أعانيه الآن

ما هي الفضيلة التي أحترمها في نفسي والتي تعتز بنفسها إلى درجة الترفع عن خدمتك
بينما أفضل ما عندي يقدس نقائصك مسيرا بالإشارة التي تصدر من عينيك
واصلي إذن أيتها الحبيبة كرهك لي
لأني أعرف الآن أفكارك
أنت تحبين أولئك الذين يستطيعون الرؤية وأنا رجل أعمى



من أي طاقة خفية ملكت هذي السلطة القوية لتحكمي قلبي بما فيك من نقصان
ولتجعليني أكذب  ما أراه في الحقيقة
وأقسم أن الضوء لا يجمل النهار
كيف تأتت لك قدرة إضفاء الحسن على الأشياء السقيمة
ففي أشد حالات الرفض لما تفعلين
هناك نوع من القوة وضمانة من المهارة تجعلني أرى أسوأ ما لديك يفوق أعظم شيء سواه
من الذي علمك الوسيلة التي تجعلني أزداد حبا لك
كلما زاد ما أسمعه وما أراه من الأسباب التي تدعو إلى كراهيتك
رغم أنني أحب ما يكرهه الآخرون عليك ألا تكرهيني مثلما هم يفعلون

إذا كانت تفاهتك هي التي دفعتني إلى حبك فما أشد جدارتي لأكون محظيا بغرامك


الحب صغير جدا على معرفة معنى الوعي
ومع هذا
 فمن ذا الذي لا يعرف أن الوعي وليد الحب
لا تحشدي التهم ضدي إذن أيتها المخادعة الرقيقة كيلا يثبت أن المدان في أخطائي هو ذاتك الجميلة

لأنك عندما تخدعينني  فإنني أخدع أكثر أعضائي نبلا بالخيانة العظمى لجسدي بأكمله
تقول روحي لجسدي إن الواجب عليه أن ينتصر في الحب
والجسد لا ينتظر مزيدا من التعليل
لكنه يهب فور ما يطرح اسمك ويشير إليك بالتحديد
لأنك أنت غنم انتظاره منفوشا بهذي الكبرياء
وهو مقتنع بأن يكون البائس الكادح من أجلك منتصبا في شئونك منطرحا إلى جانبك
لا تعتبروني لست واعيا بما فيه الكفاية حين أدعوها "حبيبتي"
تلك التي في حبها الغالي أسمو وأسقط


تعرفين أنني من أجل حبك خنت عهود زواجي
أما أنت فخائنة مرتين إذ تقسمين بحبك لي
فأنت تنكثين بعهد زواجك  كما تمزقين عهدك الجديد بالاخلاص
عندما تؤكدين كرهك لي بعد اندفاعا للحب من جديد

ولكن لماذا أدينك لأنك تحنثين بالقسم مرتين بينما حنثت أنا عشرين مرة
إني أنا الأكثر خيانة للعهد لأن كل ما أقسمت به لم يكن إلا خداعا لك
وكل إيماني الصادق بك صار ضائعا

أقسمت اليمين العظمى بحنانك العميق وبحبك وبصدقك وبوفائك
ولكي أجعلك الضوء المشع أسلمت عيني للعمى كيلا تقسمان بشيء عكس ما ترى
لأني أقسمت أنك أنت الجميلة
لشد ما أنا كاذب سفيه
إذ أقسم ضد الحقيقة  بهذا الكذب الكريه


ركن كوبيد شعلته الغرامية إلى جواره وراح في سبات عميق
ورأت إحدى العرائس في هذا الوضع فرصتها المواتية فاستلبته ناره التي تضرم الحب
وأسرعت بغمسها في ماء الينبوع البارد الذي يتدفق في الوادي بتلك البقعة من الأرض

اقتبس الينبوع من نار الحب المقدسة التي حملتها الشعلة حرارة الوجود وحيويته اللانهائية
التي مازالت باقية

أصبح النبع ساخنا يستحم الناس فيه حتى يومنا
ملتمسين العلاج الفعال ضد الأمراض الغريبة
لكن شعلة الحب اتقدت مجددا بالنارعندما نظرت محبوبتي إليها
ومن باب التجربة لمس كيوبيد صدري
فإذا بي وقد صرت عليلا أنشد العون في النبع الشافي
واتجهت خطاي إلى هناك ضيفا حزينا محموما

لكنني لم أجد هناك أي شفاء
فالنبع الذي يمكن أن يسعفني يوجد حيث حصل كيوبيد على النار الجديدة
عينا حبيبتي


كان إله الحب الصغير مستلقيا ذات يوم وقد غلبه النوم  وإلى جانبه شعلته التي تضرم نار الهوى في القلوب
بينما كثير من الحوريات اللاتي أقسمن على الاحتفاظ بحياتهن الطاهرة يعبرن في قدومهن من جانبه
لكن اليد العذراء  لأجمل واحدة منهن التقطت تلك الشعلة
التي عقدت بالدفء كثيرا من روابط القلوب المخلصة
هكذا كان أمير الرغبات الساخنة مستغرقا في النوم عندما جردته اليد العذراء من سلاحه

وأطفأت تلك الشعلة في أحد الآبار الباردة المجاورة فاتخذ البئر من نار الحب حرارة أبدية
وصار حماما ونبعا شافيا للبشر المصابين

ولما كنت
فقد ذهبت هناك أطلب الشفاء

وهذه هي الحقيقة التي وجدتها
نار الحب تجعل الماء ساخنا لكن الماء لا يجعل الحب باردا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.