ولاتعتقد بأنى هجرت الوطن أو تركت الديار
فما زال بقلبى يعيش الوطن ولو كنت فوق كومة من دمار
وفي لحظة يقولون بأن الملاك على الأرض قد هزم
من قبل شيطان رجيم
قد هزم
فماتت الرغبة فينا
تتساقط الأشجار قبل الآوان وفرت الأطيار عن المكان بعيدا
وبيع الربيع
وعرضت أحلام الأطفال في المزاد
وسلمنا بأيدينا مفاتيح سجوننا
وكتبنا أوراق نعينا وعلقناها على جدران المدينة
مسلمين
مستسلمين
كما الخائن ما أن يسمع ناقوس الخطريسلم أرضه
أعترف أننا خونة
قد قبلنا السجن وراء قضبان ماضينا
وقد فقدنا الأمل بترميم حاضرنا المكسور
إن في الكرامة جرح
وفي الكبرياء جرح
وفي القلب جرح
ما دمنا نعرف ولا ننطق من حروف الهجاء بحرف
يقولون
الضمير لايطعم خبزا
الحق في هذا الزمان لايشكل جزءا
أكانت تلك المعاني مجرد شعارات معلقة فوق السحاب
أم هى كالعذارى من وراء حجاب
كان يدخل القاعة مختالا فخورا
ردحذفهو الرئيس على أربعة من العاملين معه فى لجنته العليا
يجلسهم بالتساوى عن يمينه وعن يسارة وأكوام من الملفات أمامه يوزعها على من عليه الدور
ويترك المقعد ويتمشى بخيلاء حتى مات يوما ولم أعد أجده فى الأروقة ولا فى المقعد الذى احتله من كان له نائبا وينتهج نفس الدور الذى تعلمه من المقبور
وتتوالى الجلسات حتى السابعة عشر
ولا يكون الرأى الا للروتين الذى يقرر
وترى اللجنة تأييد القرار الابتدائى الذى كان منذ سبع سنوات رغم تغيب المدعى عليه أربعة عشر جلسة دون النظر فى الطلبات باعتبارها جديدة
هذا هو النظام فى اللجان
يموت الرئيس ولا يموت النظام بل يبقى رغم غباء استدراك من وضع النظام
لماذا يرتبط الحب دائما بالألم وينتهي بالدموع
ردحذفإن الحب والرغبة قرينان
ولا يمكن أن تحب امرأة دون أن ترغبها ولهذا ما تلبث نسمات الحب الرفافة الحنون أن تمازج الدم واللحم فتتحول إلى ريح وإعصار وزوبعة حيث ينصهر اللحم والعظم في أتون من الشهوة العارمة واللذة الوقتية التي ما تكاد تشتعل حتى تنطفئ
إن الحب يتضمن قسوة خفية و عدوانا مستترا إذا اصطبغ بالشهوة وهو لابد أن يتلون بالشهوة بحكم البشرية
والمرأة التي تشعر أن الرجل استولى على روحها تحاول هي الأخرى أن تنزع روحه وتستولي عليها
وفي ذلك عدوان خفي متبادل وإن كان يأخذ شكل الحب
إن الحب لا يظل حبا صافيا رفافا شفافا وإنما ما يلبث بحكم الجبلة البشرية أن يصبح جزءا من ثالوث هو: الحب والجنس والقسوة وهو ثالوث متلاحم يقترن بعضه ببعض على الدوام
ولأن قصة الحب التي خالطتها الشهوة ما تلبث أن تنتهي إلى الإشباع في دقائق ثم بعد ذلك يأتي التعب والملل والرغبة عند الإثنين في تغيير الطبق وتجديد الصنف لإشعال الشهوة والفضول من جديد لهذا ما يلبث أن يتداعى الحب إلى شك في كل طرف من غدر الطرف الآخر وهذا بدوره يؤدي إلى مزيد من الارتياب والتربص والقسوة والغيرة وهكذا يتحول الحب إلى تعاسة وآلام ودموع وتجريح وهو لهذا مقضى عليه بالإحباط وخيبة الأمل و محكوم عليه بالتقلب من الضد إلى الضد ومن النقيض إلى النقيض فيرتد الحب عداوة وينقلب كراهية وتنتحرالعواطف كل يوم مائة مرة وذلك هو عين العذاب
لهذا لا يصلح هذا الثالوث أن يكون أساسا لزواج ولا يصلح لبناء البيوت
ومن دلائل عظمة القرآن وإعجازه أنه حينما ذكر الزواج لم يذكر الحب وإنما ذكر المودة والرحمة والسكن
سكن النفوس بعضها إلى بعض وراحة النفوس بعضها إلى بعض
إنها الرحمة والمودة مفتاح البيوت
والرحمة تحتوي على الحب بالضرورة
والحب لا يشتمل على الرحمة بل يكاد بالشهوة أن ينقلب عدوانا
والرحمة أعمق من الحب وأصفى وأطهر.
والرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة فيها الحب والتضحية وإنكار الذات والتسامح والعطف والعفو والكرم.
وكلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية
وقليل منا هم القادرون على الرحمة
وبين ألف حبيبة هناك واحدة يمكن أن ترحم
ولذلك جاء كتاب الحكمة الأزلية الذي تنزل علينا من الحق يذكرنا عند الزواج بالرحمة و المودة و السكن
و لم يذكر كلمة واحدة عن الحب محطما بذلك صنم العصر ومعبوده الأول كما حطم أصنام الكعبة من قديم
و الذين خبروا الحياة و باشروا حلوها و مرها وتمرسوا بالنساء يعرفون مدى عمق وأصالة و صدق هذه الكلمات
و ليس في هذه الكلمات مصادرة للحب أو إلغاء للشهوة و إنما هي توكيد وبيان بأن ممارسة الحب والشهوة بدون إطار من الرحمة والمودة والشرعية هو عبث لابد أن ينتهي إلى الإحباط
والحيوانات تمارس الحب والشهوة و تتبادل الغزل
وإنما الإنسان وحده هو الذي امتاز بهذا الإطار من المودة والرحمة والرأفة لأنه هو وحده الذي استطاع أن يستعلي على شهواته فيصوم وهو جائع ويتعفف و هو مشتاق
والرحمة ليست ضعفا وإنما هي غاية القوة
لأنها استعلاء على الحيوانية والبهيمية والظلمة الشهوانية
الرحمة هي النور والشهوة هي النار
وأهل الرحمة هم أهل النور والصفاء
والقسوة جبن والرحمة شجاعة.
ولا يؤتى الرحمة إلا كل شجاع كريم نبيل
ولا يشتغل بالانتقام و التنكيل إلا أهل الصغار والخسة والوضاعة
والرحمة هي خاتم الجنة على جباه السعداء الموعودين من أهل الأرض
وعلامة الرحيم هي الهدوء والسكينة والسماحة ورحابة الصدر والحلم والوداعة والصبر والتريث ومراجعة النفس قبل الاندفاع في ردود الأفعال وعدم التهالك على الحظوظ العاجلة والمنافع الشخصية والتنزه عن الغل و ضبط الشهوة وطول التفكير وحب الصمت والائتناس بالخلوة وعدم الوحشة من التوحد لأن الرحيم له من داخله نور يؤنسه ولأنه في حوار دائم مع الحق وفي بسطة دائمة مع الخلق.
والرحماء قليلون
هم أركان الدنيا وأوتادها التي يحفظ بها الله الأرض ومن عليها
ولا تقوم القيامة إلا حينما تنفد الرحمة من القلوب ويتفشى الغل وتسود المادية الغليظة وتنفرد الشهوات بمصير الناس فينهار بنيان الأرض وتتهدم هياكلها
لا أدرى ومنذ متى وهى تركز تلك النظرات الإتهامية المعنى التى قرأتها فيها حين نظرت بعفوية اليها وبصدفة لم أتعودها
ردحذفقد أكون مخطئا فى تصورى
أو فى قراءتى
على كل الأحوال لقد تكون لها شعورا لدى بالقرف
وقالت فى نظراتها شيئا كريها أرفضه
وربما كان من معرفتها لطبيعة الطرف الثانى
وعشت عمرى كارها لعلاقات سريعة يقولون عنها دنيئة
ان كل حزنى على نفسى وعلى الظروف التى وضعتنى فى تلك الاطارات التى فيها أقرأ ما ليس فى تكوينى وفى نظرات مختلسة ربما لها مبررها
بيننا أنواع من المخلوقات تحمل ملامح البشر
الحب هو رأس القضية إذا غاب فإن كل العبادات والطاعات لن تصنع دينا ولن تصنع متدينا
ردحذفحب الله وحب ما خلق وما صنع من أرضين وسماوات ونبات وحيوان وبشر هو جوهر كل الديانات الحقة
وهو المقياس الذي نفرق به بين أهل الدين والأدعياء المشعوذين والكذبة
الناس يفهمون الدين على أنه مجموعة الأوامر و النواهي و لوائح العقاب و حدود الحرام و الحلال و كلها من شئون الدنيا أما الدين فشيء آخر أعمق و أشمل و أبعد
ردحذفالدين في حقيقته هو الحب القديم الذي جئنا به إلى الدنيا و الحنين الدائم الذي يملأ شغاف قلوبنا إلى الوطن الأصل الذي جئنا منه والعطش الروحي إلى النبع الذي صدرنا عنه و الذي يملأ كل جارحة من جوارحنا شوقا و حنينا وهو حنين تطمسه غواشي الدنيا وشواغلها و شهواتها
و لا نفيق على هذا الحنين إلا لحظة يحيطنا القبح و الظلم و العبث و الفوضى و الاضطراب في هذا العالم فنشعر أننا غرباء عنه وأننا لسنا منه و إنما مجرد زوار و عابري طريق و لحظتها نهفو إلى ذلك الوطن الأصل الذي جئنا منه و نرفع رؤوسنا في شوق وتلقائية إلى السماء و تهمس كل جارحة فينا
يا الله
أين أنت
ولحظة نخطئ و نتورط في الظلم و ننحدر إلى دركات الخسران فننكس الرؤوس في ندم و ندرك أننا مدانون مسئولون فذلك هو الدين ذلك الرباط الخفي من الحنين لماض مجهول و ذلك الإحساس بالمسئولية و بأننا مدينون أمام ذات عليا
وذلك الإحساس العميق في لحظات الوحدة و الهجربأننا لسنا وحدنا و إنما في معية غيبية وفي أنس خفي وأن هناك يدا خفية سوف تنتشلنا وذاتا عليا سوف تلهمنا وركنا شديدا سوف يحمينا وعظيما سوف يتداركنا
فذلك هو الدين في أصله وحقيقته وما تبقى بعد ذلك من أوامر و نواه وحرام وحلال وأحكام وعبادات هي تفاصيل ونتائج وموجبات لهذا الحب القديم