السبت، 15 أغسطس 2015

صمم الوحدة

مع حافة الغروب‏
يعتصر الشفق حمرته المتوهجة ويقطرها
تملأ بالدمع كأسا يجد لمذاقها برودة الثلج المذاب في قنينة العطر
فيشرب‏
ويشرق‏ بغصته الخاصة حين يتذكر أنه وحيد ‏ولانديم هناك

هل الوحدة ان نعيش بغير حب أم أن يدركنا السأم
قال أحدهم الجحيم هو الآخرون
فهل  أنا هو الفردوس
العشق يسربل الموجودات
تعلو الغشاوة اسوار المرئيات
ومن غبش المساء تنفذ أشعة متقطعة لنجمات قريبة
لكن الصمت يسود حتي شقشقة الاسراب العائدة من رحلة النهار
صمتت
يضطرب صدره بخفقة ملتاعة حين يتذكر أنه وحيد ولانديم له
يقرأ كثيرا عن وحدة الشعراء وأرباب الخيال
يراها وحدة مفعمة بالوجود لعرائس الوحي
الفنان لايعيش في وحدة
لايمكن ان تسجنه الجدران ولا الهجير ولا عواصف الشتاء
أفكاره تحلق حوله كحوريات البحر
قادر هو علي الإئتناس بعالمه وخلق موجوداته
يرفض أن يقال عنه ما يشير الي فراغ العالم حوله
خبير هو بملئ  الفراغات وإفراغ الحياة من  اقتحام  التفاهات

في امسيات بعيدة كانت هنا دائما
عند مهب الأنفاس الحارة
يتناقشان ثم يتفقان
وجرعة الوداع ترسم في العيون دمعة انسحاب
يمزقان الاتفاقات ويبكيان حتي الفجر
والآن لم يتبق إلا أصداء تتردد في آذان اصابها صمم الوحدة


الجمعة، 14 أغسطس 2015

مصر محمية


 مياه الدنيا لا ترويه ما دام محروما من مياه النيل
  كان يرمي سهمه بعيدا إلي العمق
إلي البؤرة التي تسببت في نفيه وغربته وابقاء المصريين راسغين في أغلال الخنوع والخضوع للحاكم الفرعون
أنا ربكم الأعلي وهذه الأنهار تجري من تحتي
 الحاكم المتحكم في النهر والبشر والأرض والغلة
 في لقمة العيش وشربة الماء
بأمره يفيض النيل وبأمره يتلكأ النهر ويتعثر ويتأخر فيضانه فيجوع الرعايا
 ويرحل الفراعين وينتهي زمنهم وتدول دولهم
ولكنهم يخلفون لعنتهم علي مسار الأزمنة التالية
لعنة الحاكم الاله مموها في كل حقبة بقناع يلهي عن حقيقته
تختلف الأقنعة وتبقي تحتها سلطة الاستبداد والقهر
يثرثر عالم الجغرافيا السياسية  قائلا إن الأمر طبيعي فمصر مجتمع نهر
ومجتمع النهر يحتاج إلي سلطة مركزية قوية تتعامل مع نزوات النهر وفيضاناته أو شحه وتتحكم في مياهه لتوزعها بالعدل علي الفلاحين ـ وهم الغالبية العظمي في الشعب المصري ـ وتفرض بالتالي رقابتها وتضع القيود التي تراها لازمة لمصلحة الجميع وهو نوع من أنواع العقد السياسي بل هو اكثر الانواع صرامة وجبروتا ففي العقد السياسي الطبيعي يتنازل المواطن عن جزء من حريته وحقوقه السياسية للسلطة المركزية مقابل أن تؤمنه هذه السلطة وتحميه وتضمن له أن يعيش في مجتمع آمن سعيد
لكن العقد في مجتمع النهر يفرض علي المواطن أن يتنازل عن كل حرياته وكل حقوقه الأساسية وكل مفردات الارادة والاختيار إلي النظام الحاكم
والمقابل هنا ينكل بالسيد المواطن لضمان سلامة وأمن النظام
وهكذا يتحول مجتمع النهر إلي مجتمع القهر
ولأن النهر وديع مستأنس لايثور ولايتمرد فقد انطبع الناس في واديه ودلتاه بطبعه ولايغير في الأمر أن  يغرد  مثقف هنا أو متحذلق هناك أو تدير النخب المعزولة حوارات بيزنطية حول التغيير والثورة والمطالبة بالاصلاح والجسم الأساسي طريح المصطبة يتثاءب ولايدري أن نهره القديم  يجري بمعزل عنه غاضب عليه نافيا عن نفسه تهم السادة الجغرافيين الذين يريدون الصاق تهمة القهر بوجوده
طال بنا الصبر إلي ما لانهاية ونغض الطرف عن كل مظاهر الدمار والانهيار التي عمت الديار في الوادي والدلتا وشواطيء البحر ونضحك علي أنفسنا متسائلين ومرددين: حانعمل إيه   نحن  مجتمع نهر
تلك هي عكارة الاستجداء والاستسلام
 ونصرخ  والعطش يحرق حلوقنا ويجفف الدماء في عروقنا
ونعترف بأننا نحن المصريين ـ مسئولون قبل حكومتنا المركزية ووزاراتها المعنية وإدارتها البيروقراطية عن عطش أهل الوادى  وأزمة مياه الشرب في محافظات مصر وكل نواتج الفساد والاهمال وفقدان الكفاءة

نحن مسئولون لأننا تركنا الثعالب تخترق كل جناب الكرم وتلتهمه أمام أعيننا ونحن نكتفي بالفرجة معللين النفس بأن مصر محمية وماحدش بيبات فيها من غير عشا  


السبت، 1 أغسطس 2015

من المنفى


ولاتعتقد بأنى هجرت الوطن أو تركت الديار
فما زال بقلبى يعيش الوطن ولو كنت فوق كومة من دمار
وفي لحظة يقولون بأن الملاك على الأرض قد هزم
من قبل شيطان رجيم
قد هزم
فماتت الرغبة فينا
تتساقط الأشجار قبل الآوان وفرت الأطيار عن المكان بعيدا
وبيع الربيع
وعرضت أحلام الأطفال في المزاد
وسلمنا بأيدينا مفاتيح سجوننا
وكتبنا أوراق نعينا وعلقناها على جدران المدينة
مسلمين
مستسلمين
كما الخائن ما أن يسمع ناقوس الخطريسلم أرضه
أعترف أننا خونة
قد قبلنا السجن وراء قضبان ماضينا
وقد فقدنا الأمل بترميم حاضرنا المكسور
إن في الكرامة جرح
وفي الكبرياء جرح
وفي القلب جرح
ما دمنا نعرف ولا ننطق من حروف الهجاء بحرف
يقولون
الضمير لايطعم خبزا
الحق في هذا الزمان لايشكل جزءا
أكانت تلك المعاني مجرد شعارات معلقة فوق السحاب
أم هى كالعذارى من وراء حجاب