يظن أن هناك من يطبق عليه وبقوة
يختنق ويصارع بضعف مستميت بلا جدوى
يصمد
ودوي صراخه في الأعماق يهيم بين آهة وسكتة
وبين ومضة أمل شاحبة تدعوه للإسترخاء وسط ضجيج الصراع
علها تكون سببا لسكون لحظي
ولكن ببرود تنطفئ وتتركه يصارع وحيدا
في تلك اللحظات يدخل في دوامة الكوابيس
مادام الصراخ يصدح في أجواء يومه العليل
تهاجمه الخيالات
أحيانا
يخيل إليه أن قلبه ينبض في شفتيه أو في أذنيه
بل كان يشاهد النبض بأم عينيه يرتجف بين كفيه
فيحاول إيقاف الإرتجاف
تخذله بضعفها أصابعه وكل أعضاء جسده تخذله
فيغمض عينيه مرهقا
ويسلم روحه لأول كابوس على موسيقى الأنين
وأحيانا
يهاجمه كابوس خيالات أسوأ
يتذكر أن الثانية هي ربما كرمشة عين والدقيقة أن يعد المرء إلى الستين
والساعة ستون دقيقة
ويحاول التأكد ليحسب نصف الساعة ليسكت الوجع
ويشعر أن الثانية ما عادت رمشة عين
ويصل العدد الى الستين فلا تمر الدقيقة
وينتظر وعينيه على الساعة والإنصات بعمق
صوت تكات الساعات يلهيه عن قرع طبول
ويطول انتظاره وكأن دهرا قد مر
وينام من تعب الإنتظار ليبدأ فصل آخر من الكوابيس
يتصارع ليستيقظ
يدرك إن اليقظة أقسى من أضغاث الأحلام
وما يحدث فى داخله من اختناق وحرارة ووجع وألم
هو حروب بين فيروساته والمضادات
صراع بينهم قد احتدم
صراع مستمر
يجلس خائر القوى يحاول طرد الخيالات التي تلفه كجثة في كفن
يحبس أنفاسه
شهيق عميق ثم زفير كبركان
ولاتزال سكاكين المرض لا ترحم طاعنة هنا وهناك
كآلة غبية تأبى التوقف وتواصل دمارها والهدم
يجاهد للوصول إلى لوحته البيضاء
ينزع غطاء ألوانه ويختار الأصفر
ربما هو لون شحوب وجهه ولون اصفرار أيام حياته
ربما يعبر هذا اللون عن صحراء لصحته الجرداء
ومقاومته الصفراء ضد هجوم المرض
إلا انه لم يختر هذا اللون ليزيد أيامه تعاسة ووجع
اختار هذا اللون ليرسم في لوحته شمسا تحرق شياطين خيالاته السوداء
وتنير عتمة لحظته وتمده بشعاع أمل مهما كان ضآلته فيلتمس لنفسه سكينة هجرته
كأن أصابعه استشعرت دفء الشمس اللطيف
فقاومت الضعف
رسمت وردة
تحتها أوراق خضراء تناثرت هنا وهنا بفعل الريح
وريقات لم تستلم وظلت تقاوم
فكرة أدخلت بعض السرور لقلبه المثقل بالألم
فكأنها أيضا قد حررت نفسه من الضعف
فسمع أصوات داعبته وتناسقت مع أنينه بمعزوفة تحاكي الروح
تخيل أنها لمست ألمه فأسكنته
يواصل الرسم بشغف
وفي لحظة وعي حسي يدرك
أن الصراع لازال مستمرا فى الوجع وصرخات الألم
سكاكين تطعن
موسيقى المرض لازالت تعزف بشجن
إلا إن العزف تخلله صوت نابع من أمل
وشعاع شمس أنار له حقيقة الأزل
رحمة الله فوق كل شيء
يلطف
بعباده يرحم
يكرر النداء من جديد
رحماك ربي
خفف عني البلاء عافني يا إلهى
أفكار الأمل جعلته ينام