الجمعة، 18 مايو 2012

ثورات مصر المحروسة



دخلت مصر تاريخها الحديث عبر ثلاث ثورات
ثورة عرابى سنة ١٨٨١م
وثورة ١٩١٩
وثورة ٢٣ يوليو سنة ١٩٥٢

كانت الثورة الأولى هى أيسرها وأسهلها وأعظمها حظا من النجاح ولولا مداهمة الاحتلال البريطانى لتغير تاريخ مصر

لقد حرك عرابى وهو ضابط مصرى قح وصل إلى رتبة الأميرالاى «من تحت السلاح» أى دون أن يدخل الكلية الحربية التى كان يسيطر عليها الضباط الترك وتبنى أحمد عرابى القضية الوطنية

وفى يوم ١ سبتمبر سنة ١٨٨١م حرك الجيش واصطف فى ميدان عابدين كما أخطر عرابى كل الشخصيات العامة النابهة من صحفيين أو كتاب أو شيوخ أو تجار أو مهنيين..إلخ فجاءوا وأخذوا مكانهم وراء الجيش وعندما نزل الخديو من قصر عابدين سائلا عما جاء به
 قال عرابى
نريد إقالة الوزارة ووضع الدستور وزيادة عدد الجيش وانصرف الخديو وهو كظيم فهو لا يستطيع أن يثير الشعب على الجيش لأن الشعب مع الجيش ولا يستطيع يضرب الجيش لأن الجيش مؤيد بالشعب وهذا الازدواج هو أفضل الصور لما يمكن أن تكون عليه الثورة

«وقد تكرر بشكل ما فى ثورة ٢٥ يناير» وسلم الخديو فسقطت الوزارة وولى الحكم وزارة موالية ووضع شريف باشا الدستور وفى هذه اللحظة تنبهت بريطانيا إلى أن مصر توشك أن تتحرك وتنهض فسارعت باحتلالها

أما ثورة ١٩١٩ فإنها كانت حلما حيا يعيش فى أعمق أعماق المصريين جميعا بعد أن فقدت مصر استقلالها منذ ألفى عام على يد الهكسوس واليونانيين والرومانيين والترك ولم تستعد استقلالها إلا فترة محمد على الذى نهض بها ومد حدودها من مصب نهر النيل فى البحر الأبيض حتى منابعه فى أعماق أفريقيا «بحيرة فيكتوريا» ولكن سرعان ما تآمرت الدول الأوروبية عليه وتمكنت من هزيمة أسطوله فى موقعة «نافارين» التى فرضت على محمد على أن يحكم مصر فى حدودها

ولم يهنأ المصريون بما وصلوا إليه إذ دهمتهم بريطانيا بالاحتلال فى سنة ١٨٨٢م كما أشرنا

من أجل هذا كان شعار ثورة ١٩١٩ « الاستقلال التام أو الموت الزؤام »

لم يكن قبض الإنجليز على سعد زغلول وصحبه الذين طالبوا «المعتمد البريطانى» مكماهون باستقلال مصر هو سبب انفجار الثورة، لقد كان المناسبة المواتية لانفجار الثورة المتراكمة فى النفوس وزادتها تصرفات السلطة البريطانية واستغلالها موارد البلاد وتسخير شبابها فى المجهود الحربى البريطانى، وليس أدل على ذلك من أنها سرت كما تسرى النار فى الهشيم وغطت مدن مصر وقراها وعبأت شبابها وفلاحيها وعمالها وطلبتها.

لم يكن للثورة قائد..
لقد كانت هبة تلقائية عمل فيها رجال كل ناحية بوحى من طبيعتهم ولما كانت واحدة فقد تلاقت وعندما ظهرت الشخصيات السياسية عجزوا عن اللحاق بها بل حاولوا أن يهدئوا غضبها ويكسبوا سلامها كان هؤلاء القادة برجوازيين، بينما كان الشعب ثوريا

وكان من الدروس الهامة التى تعرضت لها ثورة ١٩١٩ ظاهرة تقديس الزعيم

 فهناك ملابسات عديدة لا يتسع لها المجال ولكنها جعلت الجماهير تقدس سعد زغلول حتى ظهر فى الشعب من يقول

« الاحتلال على يدى سعد أفضل من الاستقلال على يدى عدلى »

وعدلى كان هو رئيس الوزارة فانظر كيف أن التقديس وصل إلى التوثين ومنه إلى الكفر بأعظم مقدسات الثورة وحلمها التاريخى الاستقلال.

على أن ثورة ١٩١٩ وإن لم تحقق لمصر الاستقلال المنشود لأنها لم تسلك الطريق الذى رسمته لنفسها

« الموت الزؤام » وإنما سلكت الطريق الذى فضله زعماؤها طريق المفاوضات فإنها لم تضع هدرا فإنها دمرت الآمال والخطط التى كان الإنجليز يعتزمونها لحكم مصر بطريقة حكمهم للهند وتكوين مجلس يضم الأجانب ومستشارين إنجليزا ومصريين.. إلخ ثم جاءت ثورة ١٩١٩ فجعلت الاستقلال أمرا مقضيا وإن كان مقيدا

أما «ثورة ١٩٥٢» فإنها - ورغم كل ما قيل عن إنجازاتها - ارتكبت موبقة عظمى تلك هى قهر الإنسان المصرى

فحكمت بالإرهاب وبالاعتقالات وبالتعذيب فى السجون والتزوير فى صناديق الانتخاب ووضعت أساس الانفراد بالحكم وإطلاق يد الحاكم حتى جاءت هزيمة ١٩٦٧ فقضت عليها

وهى الهزيمة التى لانزال نعيش فى عقابيلها وقد قيل فى التدليل على حب الشعب لجمال عبد الناصر مسيرة الملايين فى جنازته باكية لاطمة دون أن ينتبهوا إلى أن هذا نفسه أكبر دليل على أنه جعل الشعب عيالا عليه والزعيم الحق هو من يسمو بالشعب ومن يجعله سيدا يثق فى نفسه ويؤمن بقدراته وليس من يجعل الشعب عيالا عليه

وتبقى ثورات مصر المحروسة فى 25 يناير 2011 م


آمنت بالانسان



حين تختلط الأوراق وتتداخل الرؤي وتتغلب لغة المصالح تفقد الأشياء معناها‏ ويفقد الحلم براءته‏‏ ويفقد الموقف قدسيته‏ وتفقد الأحداث غايتها‏

‏ هناك فرق كبير بين شعب ثار وامامه حلم كبير في التغيير فتوحدت كلمته نحو هدف واحد‏
وشعب آخر انقسم علي نفسه بين فريق يبحث عن غنائم وفريق آخر يدبر المؤامرات وفريق ثالث يملك الحلم ولا يملك الخبرة والارادة
=====================================
آمـــنت بالإنـســــان عمــــري كلـــه ورسمتــه تاجــا علـي أبيـاتــــي
هو سيد الدنـيـــا وفجــــر زمانهــــــا سر الإلـه وأقــدس الغــــايــــات هو إن سما يغدو كنجم مبــهر وإذا هوي ينحط كالحشـــــرات
هل يستوي يوم بكيت لفقـــــــــده وعذاب يوم جاء بالحسرات
هل يستـوي صبح أضاء طريقنـا وظلام ليـل مر باللعنـــــــات
هل يستوي نهر بخيل جاحـــد وعطاء نهر فاض بالخيرات


أيقنت أن الشـعر شاطئ رحـلتــــي وبأنه عند الهلاك نجاتــــــــــي فزهدت في ذهب المعز وسيفــــــه
وكرهت بطش المستبد الـعاتـــي
وكرهت في ذهب المعز ضـــــلاله وخشيت من سيف المعــز مماتـي
ورفضت أن أحيا خيالا صــــــامتـا أو صفحة تطوي مع الصفحـــــات
واخترت من صخب المزاد قصائدي ورفضت سوق البيع والصفقـــات
قد لا يكون الشعر حصنـــــا آمنـــــا لكنه مجــــد
بلا شـبهــــــــــــات
والآن أشعر أن آخر رحـلتــــــــــــي ستكون في شعري وفي صرخاتي
تحت التراب ستختفي ألقابنــا لا شئ يبــقي غير طيف رفــات
تتشابك الأيدي وتنسحب الــــروي ويتوه ضوء الفجر في الظلـمـــات
وتري الوجوه علي التـراب كأنــــــها وشم يصافح كل وشــم آت
ماذا سيبقي من بريق عيوننــــــا
لا شئ غير الصمت والعبــــــرات
ماذا سيبقي من جواد جـــــــــــــامح غير البكاء المروالضحكـــــات
أنا زاهد في كل شيء بعدمــــــــــــا اخترت شعري واحتميت بذاتـــــي
زينت أيامي بغنوة عاشــــــــــق وأضعت في عشـق الجمال حياتي
وحلمت يوما أن أراك مدينتـــي فوق السحاب عزيزة الرايــــــــات
ورسمت أسراب الجمال كأنـها بين القلوب مواكب الصــــــــلوات
قد قلت ما عندي ويكفي أنني واجهت عصر الزيف بالكلمـــــات

الخميس، 17 مايو 2012

عجائب



في مصر

ذكرت مجلة فوربس الشرق الأوسط‏7‏ أشخاص يحملون لقب ملياردير يمتلكون ثروة تقدر بمبلغ‏20‏ مليار دولار أي‏120‏ مليار جنيه‏
وهؤلاء الاشخاص السبعة أسماؤهم وشركاتهم وحساباتهم معروفة ولكن هناك العشرات من المسئولين السابقين والحاليين والقادمين والراحلين لديهم أرصدة مشابهة ولكنها غير معروفة
وهؤلاء جميعا بما لديهم من المليارات يعيشون في مجتمع40% من سكانه تحت خط الفقر أي انهم لا يملكون سكنا ولا يتمتعون بأقل قدر من الحقوق البشرية التي تقررها القوانين والأعراف الدولية الخاصة بحقوق الإنسان
وفي هذا البلد الذي يوجد به عشرات المليارديرات يوجد9 ملايين شاب بلا عمل و3 ملايين طفل من ابناء الشوارع وأكثر من10 ملايين إنسان يسكنون العشوائيات
وهذا البلد الذي اسمه مصر عليه ديون خارجية وداخلية تبلغ تريليون و300 مليار جنيه لا أحد يعرف من يسددها وكيف ومتي
وهناك عجز في الميزانية يزيد علي150 مليار جنيه سنويا وهي تمثل النفقات المطلوبه بلا موارد وهذا البلد ايضا باع في عشرسنوات أكبر أصوله الاستثمارية لعدد من الأشخاص إبتداء بالأراضي والعقارات وانتهاء بالمصانع والشركات ولا أحد يعرف أين ذهبت حصيلة هذه الصفقات
وهذا البلد ينفق سنويا20 مليار جنيه علي المخدرات و20 مليار جنيه علي السجائر و35 مليار جنيه علي مكالمات المحمول
قبل ثورة يوليو كان عدد المليونيرات في مصر اربعة أشخاص فقط كان منهم عبود باشا وأبو رجيلة وفرغلي باشا
وكان في مصر رجل عظيم يسمي طلعت حرب اقام قلعة صناعية علي ضفاف النيل ابتداء بصناعة السينما وانتهاء بصناعة الغزل والنسيج
وكان هناك رمز آخر يسمي إبراهيم شكري تبرع بأرضه الزراعية للفلاحين قبل قيام ثورة يوليو وصدور قانون الإصلاح الزراعي
إذا كان في مصر سبعة أشخاص لديهم120 مليار جنيه فإن فيها ايضا20 مليون مصري لا يقرأون ولا يكتبون وهي اعلي نسبة للأمية في العالم

متي يدرك اثرياء هذا الوطن ان عليهم مسئولية اجتماعية وإنسانية لضمان استقرار هذا الوطن


ولكن



البخيل ليس بخيل المال فقط‏‏
ولكن اسوأ البخلاء هو بخيل المشاعر‏‏
وقد يري البعض ان البخل عادة يكتسبها الإنسان في اسلوب تربيته وحياته‏‏
ولكن البعض يراها سلوكا فطريا‏
هناك طفل اناني بطبعه انه يحاول دائما ان يحصل علي كل شيء لنفسه ويعيش عمره عبدا لأنانيته إنه لا يري الآخرين ولا يشعر بهم ويتصور ان كل شئ قد خلق له وحده
والغريب ان هذا الإحساس يمكن ان تراه فقط في طفل وحيد
ولكن كثيرا ماتراه بين الأبن وأخوته
إنه يحتكر كل شيء ولا يتصور ان يشاركه احد منهم اشياءه
وهذا النموذج إذا لم يجد من يحد من سطوة ذاته وعشقه لنفسه يتحول إلي إنسان اناني ويصبح البخل اهم صفاته والبخل هو الابن الشرعي للأنانية
وهناك رجل بخيل في مشاعره ان كل الاشياء يجب ان تدور فقط حول رغباته لأنه يري وجهه في كل شيء حوله
وما يحدث في دنيا الرجال يحدث ايضا في عالم النساء هناك امرأة تتعبد في محراب ذاتها
انها اجمل الجميلات فلا تري جمالا خارج ملامحها
وهذه المرأه تشعر دائما بالتعاسة لأنها تشعر بالغربة فقد فرضت علي نفسها سياجا من الوحدة
لقد صنعت لنفسها سجنا وقررت ان تعيش بين جدرانه
تصغر كل الاشياء حولها حتي تري الكون كل الكون من وراء القضبان
ولا يوجد علاج للبخل لان الرجل البخيل لم يتعلم ان يعطي شيئا ابتداء بماله وانتهاء بمشاعره
وكذلك المرأه البخيلة انها تطلب من الجميع حبا وحنانا وترفض ان تقدم لهم شيئا لأنها تشعر انها صاحبة الحق في الحب
وليس للآخرين حقوق لديها
وقد يتسامح الإنسان في عيوب كثيرة ويتغاضي عنها
هناك رجل عصبي وامرأة محدودة الذكاء وإذا كان من الممكن ان تتعامل مع العصبية والذكاء المحدود فإن البخل يقلب موازين الحياة حين تشعر انك تعطي طوال الوقت ولا تأخذ شيئا

انه فقر في المال وفقر في المشاعر


الجمعة، 11 مايو 2012

ويل للمطففين



داخل كل دولة من دول العالم الحديث نجد الكيل بمكيالين
رغم وجود القانون والدستور

 والناس يكيلون للأبيض بكيل وللأسود بكيل آخر للأوروبيين بكيل وللآسيويين والأفريقيون بكيل آخر وللأغنياء بكيل وللفقراء بكيل آخر
وللرجال بكيل وللنساء بكيل آخر .

رغم أن هذه المجتمعات كلها تقدس القانون وأن دساتيرها كلها تقرر المساواة ولكن ما تعرفه القوانين أو تذكرة الدساتير شيء وما يقر في النفوس شيء

وهو يعود إلى التاريخ والتقاليد وما استقر في الأعماق من مفاهيم وكلها تدعم التفرقة
إن التطفيف أصبح مشكلة على المستويات المحلية
وعجزت القوانين عن ملاحقة الغشاشين في صناعات البناء والصناعات الغذائية  وفي الأسمنت ومواد البناء .. إلخ

ولكن المسئولين مع ذلك لديهم الآليات التي تضبط ذلك
وموقف هذه الدول يعود إلى أنها لا تؤمن أنها ستقف يوما ما موقف المساءلة أمام الله

ويل  للمطففين

الثلاثاء، 8 مايو 2012

هى الفتنة



فى التاريخ الإسلامى القديم والحديث دروس وعبر تهدى القيادات حتى لا تتكرر الأخطاء وتدفع الثمن مرارا وتكرارا

فى السنوات الأولى لهذا التاريخ الباهر ولم تمض على وفاة الرسول خمس عشرة سنة مرت على الخلافة التى كانت أقرب إلى خلافة النبوة من خلافة الملك دخلت عوامل سياسية فأفسدتها وقتل المسلمون خليفتهم الشيخ وهو يتلو القرآن.

وعندما أراد على بن أبى طالب أن يعيد الخلافة إلى عهدها النبوى تصدى لـه معـاوية بن أبى سفيان والى الشام بحجة الأخذ بثأر عثمان ونصب قميص المعز المدرج بالدماء على منبر دمشق ولج فى مخالفته حتى حارب نصف المسلمين النصف الآخر فى صفين

ولما كاد معاوية أن يهزم أدركه عمرو بن العاص بالحل الذى يدخل الخلل بين صفوف جيش على بن أبى طالب أن يضع صحائف من المصحف على رؤوس أسنة الرماح ويرفعها عاليا قائلا «دعونا نتحاكم إلى كتاب الله» وأذعن لهذه الدعوة عدد من القراء أى المجموعة القارئة للقرآن.

قال لهم على إنه يعرف بنى أمية أطفالا ورجالا فكانوا شر الأطفال وشر الرجال ولا يريدون تحاكما وإنما الإفلات من الهزيمة أو حتى «تصديرها» إلى جيش على فأبوا وأرغموا على قبول التحكيم.

فكان التحكيم، وكان الفشل وكان قتل على بن أبى طالب وهو يدعو لصلاة الفجر فى رمضان وكانت نهاية الخلافة الراشدة وبسط وبداية الملك العضوض.

وكان أثر الفتنة الكبرى فى الفكر السياسى الإسلامى من العمق بحيث فضل الفقهاء الاستخذاء للحكم الفاسق على الدخول معه فى معركة لأن هذا يعنى الفتنة والخلل
وليس هناك ما هو أسوأ من هذا فى عالم الفكر السياسى.

ودارت القرون..

وعندما أراد جمال عبدالناصر القيام بحركته اتصل بالإخوان - وقد كان منهم - وطلب إليهم القيام بحماية الأمن الداخلى والوقوف فى طريق السويس وقبل الإخوان وقاموا بذلك ونجح الانقلاب وتقلد عبدالناصر وزملاؤه زمام السلطة وجاءه الإخوان يطالبون «بحقهم فى الثورة» فرفض أن تكون هناك «وصاية» على الثورة فنشب صراع أدى لأن تمتلئ السجون بعشرات الألوف من الإخوان وأن يتعرضوا لتعذيب حمزة البسيونى وصلاح نصر

وفى الوقت الذى كانت فيه السجون تضم الإخوان كانت مجموعة أخرى من «الإسلاميين» تتكون وتؤمن بفكر العنف والجهاد والاستشهاد هى «الجماعة الإسلامية» ونجحت الجماعة وجندت ألوفا وقامت باغتيال السادات

وامتلأت السجون بشباب الجماعة الإسلامية كما ملئت من قبل بشباب الإخوان المسلمين غداة المؤامرة المزعومة على جمال عبدالناصر.

وفى السنوات الطوال من سنة ١٩٥٤ حتى ٢٠١٠  أعاد بعض قيادات الجماعة الإسلامية النظر فى المقررات التى أودت بهم إلى السجون وتنبهوا إلى أخطائهم وأنهم اتبعوا أقوال بعض الأئمة دون أن يلحظوا فارق الزمن وأن ما كان صالحا من ألف عام لا يعد صالحا اليوم

 وأن بجوار أئمة الشدة وجد أئمة التيسير والإصلاح والدعوة إلى الله «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» ونشأت مراجعات كانت إحداها مراجعة الشيخ فضل الذى كان يعد العمدة بين شيوخهم كما صدرت مجموعة كتب بأقلام قيادة مشتركة للجماعة الإسلامية.

قلنا.. أخيرا تعلم الإسلاميون الدرس وقرأت بإعجاب ما أصدروه من كتب كما كان الدكتور ناجح إبراهيم يرسل إلى نسخة من نشرة الجماعة على موقع الإنترنت وكنت أعجب بما فيها من حكمـة واتزان وشجاعة فى الاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الحق.

وتفجرت ثورة ٢٥ يناير، وما بين عشية وضحاها فتحت السجون أبوابها وأفرغت شحنتها الآدمية فلم يصبحوا مسجونين ولم يعد بها أحد من «المحظورة» التى لم تعد «محظورة».

وانطلق الإخوان فى صخب شديد وحماسة عارمة لتعويض احتباس خمسين عاما وكانوا هم أكبر المستفيدين من الثورة التى فتحت أمامهم أبواب الحرية والعمل.

وبعد فترة ظهر «السلفيون» الذين لم يكونوا يتحدثون إلا على القباب والشفاعة والتوسل والتصوف وقداسة اللحية للرجال والنقاب للنساء.

وألف الجميع أحزابا واعتزموا الدخول فى الانتخابات
فهل آمنوا بالدولة المدنية وشعارات الحرية والعدالة والتنمية؟
وهل حلت هذه محل الإيمان بتطبيق الشريعة والعمل لتكون كلمة الله هى العليا؟
وأنهم احتفظوا بها فى القلوب بينما أطلقوا الأولى على الألسنة لتكون جواز المرور لتأليف الأحزاب ودخول المجال السياسى.
وكان من الأمانة.. ومن الإسلام أن يقولوا هذا دون اللجوء للخداع والنفاق.

إن من حقهم أن يقوموا ككل المصريين فى مجتمع حر بنشاط انتخابى ولكن من العار أن يلبسوا باطلهم بحق وأن يتغطوا بثوب زور وأسوأ من هذا كله أنه ليس لديهم المقدرة على إدارة السلطة فى دولة مدنية لأنهم لا يؤمنون بروح العصر الحديث أو حضارته ولا يلمون بمدى تعقيد القضية الاجتماعية وليس لديهم الإيمان بالحرية أو بكرامة الإنسان وهذه هى أركان الدولة فى العصر الحديث.

فقد نمت السرعة والعجلة التى يطالب بها الإسلاميون بالانتخابات ويرفضون وضع دستور جديد عن أنهم متعطشون إلى السلطة ولو أرادوا الإصلاح لكان المناخ اليوم أفضل عشرات المرات من المناخ الذى ستأتى به الانتخابات لأن الانتخابات هى مواكب النفاق التى لا تأتى بخير.

وعندما فجر شباب ٢٥ يناير ثورتهم نأى الإسلاميون عنها وغلبت طبيعتهم فلم يشتركوا فيها ولكن ما إن بدت بوادر نجاحها حتى غيروا فكرهم وأسرعوا باللحاق بها حتى لا يفوتهم نصيبهم من «الكعكة».

على كل حال رحب بهم شباب ائتلاف الثورة وكانوا هم من الكياسة بحيث لم يعلنوا شعاراتهم وقيل إنهم فى معركة الجمل أبلوا بلاءً حسنا.

ولكن بعد فترة غلب الطبع والطبع غلاب.

فشباب ائتلاف الثورة لأنهم يؤمنون بالثورة ووجدوا تراخيا غير مقبول فى القيام بأول واجبات ما تفرضه الثورة فإنهم أنذروا المجلس الأعلى ونبهوه إلى أنهم سيواصلون الاعتصام حتى تتحقق مطالبهم أما الإخوان فلما كان همهم هو عقد الانتخابات فلم يتجاوبوا مع ائتلاف الثورة وانعزلوا عنهم وجاء فى الصفحة الأولى من جريدة «اليوم السابع» مانشيت عريض «مصر المقسومة فى الميادين»: فى ميدان التحرير «رفض الحكومة والإصرار على محاكمة الفاسدين»..

فى رمسيس «الإسلاميون يهددون بتطهير ميدان التحرير من المخربين».. فى روكسى «مسيرة تأييد للمجلس العسكرى».

كان يجب أن يعمل كل واحد فى موقعه بما لا يضر الآخر فهذه هى حدود الحرية وهذه هى «لا ضرر ولا ضرار»، وقد كان واضحا أن الإسلاميين يؤيدون المجلس العسكرى ولا يريدون إلا التعجيل بالانتخابات وأنهم فى حرصهم أباحوا لأنفسهم نقد إخوانهم الذين يرون رأيا آخر

 وكان يجب أن يقف الحوار عند هذا ولكننا قرأنا هجوما كاسحا من أحد القادة التاريخيين للجماعة الإسلامية يرمى كل الذين يحتجون فى التحرير بأنهم خونة وأدعياء وأنهم يعطون للبلطجى خمسة آلاف جنيه عن الليلة الواحدة وأن أمريكا خصصت ربع مليار دولار لهذه المعركة فهل يجهل الأستاذ الكبير آداب الإسلام عند الاختلاف؟ وهل نسى «نتعاون فيما نتفق عليه ويعذر بعضنا الآخر فيما نختلف فيه»؟
وعلى أى دليل استند فى قذفه الذى لو كانت الشريعة مطبقة لجلد ثمانين جلدة؟

هل نسى الإخوان الصفقات التى عقدوها مع عبدالناصر ومع السادات ومع مبارك وكل صفقة أساءت إليهم وعوقت تقدمهم قدر ما أساءت إلى البلاد؟

هل نسوا صفقة ١٩٥٤ عندما ثارت كل فئات الشعب على عبدالناصر ورفض الإخوان المشاركة ووقفوا سلبيين فانتصر عبدالناصر ثم إندار عليهم؟

هل نسيت الجماعة الإسلامية الصفقة مع السادات الذى حررهم بمقتضاها من السجون على أن يقضوا على الشيوعية والناصرية فقاموا بالمهمة ولكنهم ثاروا عليه وقتلوه، فقبض عليهم ليقضوا أعمارهم فى السجون.

ماذا جلبتم من هذه الصفقة إلا الاعتقالات والسجون والمصادرة والتعذيب ؟

كل هذه الصراعات والاتهامات ولم تبدأ الانتخابات، فكيف إذا بدأت وحازوا قدرا من الأغلبية ؟

هل يستطيع أحد أن يقف أمامهم ؟

واأسفاه على ثورتنا النبيلة الطيبة الكريمة التى نادت

«سلمية.. سلمية»

وكانت رمز البراءة والطهارة فقد لوثوها وقاوموها وألصقوا بها أشنع الاتهامات.

 أعيدوا النظر فى سياستكم ولا تستسلموا لمشاعر الفرقة ومصالح الذات حتى لا تشمتوا إسرائيل وأمريكا والعروش العربية والطغاة وكل فرعون وهامان وقارون وحتى لا تلوثوا هذه الثورة النبيلة


مجرد فكره


على الطريقة العباسية
============

فى النصف الثانى من تاريخ الدولة العباسية زادت أهمية الوزير وأَلف الخليفة أن يسلم الحكم إليه وينصرف هو إلى اللهو واستغل الوزير ذلك فاستحوذ لنفسه على ثروات «مهولة»

وعندما علم الخليفة أمر بعزله وعين وزيرا جديدا وأسلمه الوزير المقال لكى يستخلص منه كل درهم اختلسه من أموال الدولة ولا يدع وسيلة لتحقيق ذلك بكل صور التعذيب

وبهذه الطريقة تعود الأموال المنهوبة إلى الدولة

 وكما ترون فإنها رغم بشاعتها عادلة وأدت إلى إعادة المال المنهوب ولكننا لا نستطيع أن نمارسها

ولهذا فأنا أدل السلطات على الطريقة التى يمكن بها استخلاص الأموال المنهوبة فيجب أن يقدم كل رؤوس الحكم وكل الذين نهبوا للمحاكمة على أساس خيانة الأمانة والإفساد العام والاستحواذ على أموال الدولة دون حق فيحاكمون أمام «القاضى الطبيعى» ويمارسون كل ما يمنحهم القضاء من حمايات

 ولكن المحكمة فى النهاية تحكم بالإعدام

هنا تستطيع السلطات أن تساوم المتهم على تسليم كل ما نهبه لقاء أن يعفو الحاكم عنه ويبدل الحكم إلى «النفى» وبهذا نستريح من «دوخة» استخلاص الأموال من سلطات دول أخرى أو عدم التعرف على وسائل إخفاء هذه الأموال.

الأحد، 6 مايو 2012

من وراء حجاب



منذ فترة وانا اتابع تحركاتها فى مسكنها الجديد من وراء حجاب
استمع الى اللحن الرائع من خلف الحجاب
وفى الصباح دائما ما أصحو عليها وهى تغنى وتشدو
وقمت فى احدى المرات بتسجيل الألحان لها على تليفونى الخاص
وتعيش معى منذ خمسة أعوام تقريبا ولم اشاهدها الا هاربة منى ومستنكره لاقتحامى حياتها
ومنذ اسبوع كنت احتاج الى ازالة ها الساتر بينى وبينها فلابد من توصيل السلك الناقل للإشارة عبر فتحة التكييف الفارغة والتى تتخذها مسكنا لها وتسمعنى فيها كل الألحان فى كل الأوقات

اضطررت لفتح المسكن الخاص بها لأجدها نائمة على بيضتان

كانت رائعة
وكانتا رائعتان

لعنة الله على النت
لقد جعلنى مزعجا لها وهى لم تعلم أننى ما أقصد الإزعاج ولكن السلك فقط ما أريد تمريره من مسكنها لأتصل بالعالم الخارجى عبر وصلة السلك المشترك مع أحد الجيران لتوصيل النت

وبعدما انتهيت من التوصيل والتشغيل شغلنى حالها ولم يشغلنى ابدا قبل اليوم
اذن هى تعيش هنا وتبيض هنا وتفقس هنا ولا اعلم الا تلك الترنيمات الحالمة لها وقمت بتسجيلها فى احدى المرات
وقمت بوضع بعض حبات من الأرز لها كى لا تترك عملها بالبحث عن طعام
والذى أزعجنى أننى لم استمع الى ترنيماتها بعد ذلك وحتى الآن
ترى هل لم تعجبها تلك الحبات من الأرز المصرى النوعية أم تلك الذبذبات من السلك الناقل للإشارة
لماذا لا تغنى ايتها اليمامة اللئيمة

ربما هى تبحث الآن عن الطعام وليست بموجوده مكانها بعدما قمت بعمل فتحة صغيرة لأطمئن عليها وكانت ترقبنى فى مراقبتى لها
ولا أدرى مراقبتها كانت عن خوف أم عن حرص فى تركيب نشأتها والثانية مع الأولى تكون شيئا مزعجا لطائر مثل اليمام
والمعروف عنه ليس بكثير
وبعدما انتهى سأقوم بالبحث فى الجوجل عن طبائع اليمام
وقمت باحضار الأرز وفتح الساتر بيننا وهى ليست بموجوده
وفرحت كثيرا عندما وجدتها قد انهت كل الوجبة السابقة
ولكن البيض ليس موجود
هل فقس البيض وطار اليمام وعمره ايام قد لا تتعدى خمسة أيام
سبحانك اللهم وبحمدك - سبحانك الله العظيم
لا أدرى والله وحده أعلم بها وبى وما قصدت إزعاجها
هل يمكن لها أن تقوم بنقل البيض قبل أن يفقس - شيئ محير
لها الله فى حياتها وما كنت أبغى سوى الإطمئنان عليها فى بيتها الذى يفصلنى عنها بساتر من خشب فى فتحة التكييف الملغى عندى فى حجرة الكراكيب

وفتحت شباك الحجرة وكنا قبل صلاة العصر بالتوقيت المحلى
اتابع بعضا من تلك اليمامات فى هذا التوقيت على الأسطح المقابلة
وشدنى شيئا غريبا على ماكينة التكييف للشقة التى أعلوها فى الدور الثانى
ولم استطع التأكد ولكنها الأفكار السابقة ما أرشدتنى الى التأكد بعدما أحضرت النظارة الطبية
جثتان صغيرتان

يالله

لقد فقست البيضتان وماتت اليمامتان
احدهما أكبر قليلا من الثانية ربما بيوم واحد من توزيع الريش ولونه على الجثتين توصلت الى هذا

ترى ماذا حدث ؟
ومن تسبب فيما حدث ؟

وهذا هو السؤال المركب

ربما حدث بعدما فقست البيضتان أن جاعت الأم فطارت تبحث عن طعام لها ولصغارها ولا تعلم انهما لا يستدركان المسافة القاتلة فى مسكنهما اذا تركا عيدان القش للبيت

وكان السؤال الأكثر إزعاجا واين الأب من كل هذا

بعد البحث عن بعض خصائص اليمام فى النت والذى تسبب فى موت اليمام عندى ستكون حواراتى لهما

--------------------------
  جدة فى 22/4/2012 م
----------------------------


أفكارى البريئة



هذا الصمت المشروخ الوجه ليس كباقي عطور صمت الرجال النابتة في حقول خريطتنا العطشى
والتي ما فتئت تنمو ألوانها الحالمة بنور حجارة حارقة

وكالأفكار البريئة هذه الأمواج البطيئة تخترق الكائن هي بلا شك في حاجة إلى دفعة أخرى من سحر عصا موسى
حتى يزبد البحر و إلى مجراه الغريب يعود النهر غانما و طليقا
لم تعد تقوى عيون شيخ القبيلة على إخفاء ما يجري داخل أنفاق الغابة من تفاصيل دامية
صارت تفوح برائحة الأجساد المنهكة حتى الثمالة
و بشط من نار و تراب ها هي ذي فراشات المدينة المتفحمة تصر على تحقيق هذا التحليق الأبدي وراء نجمات جبال حزينة
لكن قيل : إن كل من جد داخل خندق  مخدوع يصنع الجرح الغائر في أرواح الشجر حتما سوف يصل إلى بداية طريق الشوق العظيم
أما صناعة الجراح بماركات مسجلة في معامل تلفيف سواعد الوطن فتبقى أمتع لعبة تمارسها خفافيش مغارات مدن البؤس بتواطؤ عار من أى  أوراق للتوت مع ربان سفينة مصاصي دماء الحجارة جنوب الروح
حبلى بعلامات شقوق الرعب البليغ

هي مساحات الكلمة الحرة المشتهاة
أنشودة ترانيم جحيم الأسئلة الصعبة و بريشة فنان

تكتبني هذه المعاني المغسولة السواعد بيقظة التوقع الجميل لتختصر إشارات تلك المسارات الطويلة مكعبات كؤوس القمر السهران بمعية الذئاب و الذباب في أفخم فنادق مدينة العباد

فمن يضع حدا للعب الكبار بأنفاس الصغار
و يسلم القاتل مغلولا بأسلاك رفيعة في كتاب لمرايا الميزان
تذكر يا حارث مياه البحر اختار سبيل اللعب الطفولي  في مغارة مفككة
تذكر يا صانع أنفاس قلب الخريطة تئن في قبضة كلاب تحرس غابة مفروضة
تذكر أنك البداية و المنتهى
تخلص يا صوت المدى من سلطان خوفك الجائر بالخروج من دائرة الطاعة العمياء
و بكسرك لمحارة التقليد الطاغي إليك تعود سواعدك المنفية
سواعد النار التي تصدت في أزمنة خريف المدينة لأعداء من الفولاذ
تذكر يا غيمة كل الأمكنة الجريحة
أن لتجاعيد ظمأ الغضب رائحة فيض الرماد
و بعد كل سقوط شمس تحترق بلهيب لعنة سلطان الاستبعاد وثمة ثمار من دوالي النار فجأة تشرق في جوف صمت السحاب .
لعل هذا المساء الحزين بات حرفا أجمل حين كتب فصلا آخر من تاريخ صراع قديم لأحفاد الرمل المهرب و الفقر المعلب و الدم المصدر مجانا لآلهة التراب ضد جيل جديد  من حفاري جنبات أرصفة أضلعنا الذين يزحفون خاشعين و مهرولين وراء سؤال الفتات
ترتوي بتفاصيله زيوت الحطب المخزنة داخل صهاريج الأجساد المعطلة
 إنها بيوت الوجدان الذي اكتوى بدخان صفعة الموت الفاضح
هي دوالي الماء المتألق ويرفض اليوم أن يموت
مهما أبدعوا في طرائق قتله
هذا الماء اللعين فشل في إطفاء حريق البحر لأنه ماءهم و ليس ماءنا
لماذا افتقدنا بريق جحيم التكسير
و استسلمنا لمتعة الجري وراء ظلال الأشياء
هل لأنا من تربة جنوب آثم تجبل على الخضوع لشهوة الرياح ؟
أم لأنا من لهيب  منيرغزته جنود الثلج  منذ سقوط الجدار و صعود ابن آوى إلى صهوة القيم المقلوبة على وجه حق كبلته الأيدي الخفية
وقيل أن ثمة رياح صفراء تبدو أكثر شعبية كانت وراء قمع الرماد و إحياء فوضى الرمال داخل عيون ضيقة آخذة اليوم في الاتساع  و تسلق برج الأبراج

تلك اللحظات




وتتراكم الغيوم حتى تهطل الامطار
ومعك نتأمل تلك اللحظات وبها رحمة الله علينا بعدما تكدست علينا كل الغيوم وبالخير تكون وحتى ما قبل هطول الأمطار

ولتكن التقديرات التى كنا نوقنها سلفا تتحقق

ولتكن ارادة الله

والبادى أظلم

ولتكن كل الدنيا تعرف انى من احبك وليس  - للظروف -  الواقعة بل لظرف الحال منذ سنين

ولتكن كل الفرحة بعد هطول الغيث الاف المرات

من يفيننا  فى الله

 وشكرنا لله

وصلى الله على سيدنا محمد وأل بيت سيدنا محمد

آمين