الاثنين، 7 مارس 2016

حين تضيع الملامح


أصعب ما يمكن أن يحدث هو أن تنهض كل صباح فلا تعثر على وجهها في المرآة
تضيع  ملامحها كما تضيع الأحلام
تغادر دون أن تحتسي قهوة الصباح  فقد تجرعت مرارة الصفعة
تخترق الشارع
الحفر في الطريق لا تعني النوايا السيئة
 ما يحدث أقوى منها
المدينة ابتليت بمرض أصاب طرقاتها
المرض مزمن تدركه بحاستها
تجد أجسادا أخرى تمارس القهر على جسدها بالتدافع
هذا التدافع ضروري لإشعال شرارة الإنسان فيها
لكونها ليست عصفورا طليقا يحلق عاليا في الفضاء
الأجساد التي لا يمارس عليها هذا النوع من القهر مترفة لا تصلح لأن تنزل إلى الشارع وتجوب الأسواق
لا تصلح للحياة هكذا تعلمت بفعل الممارسة
ورغم هذا أدركت بأنه عليها أن تستميت في الدفاع عن رأيها
وليذهب الآخرون إلى الجحيم

فتحت رأسها على سؤال: كم نفدنا من جريمة قتل لم تخلف جثة مرئية ونحن نجمع الرصاصات ونصوب طلقاتنا نحو الفكرة
نحو الروح ونحو الفرح ونحو عصافير الحديقة وفراشات الربيع.؟
كم  رصاصة أطلقنا وكم جريمة ارتكبنا؟
صدر عار يتلقى وابل الطلقات وثغر باسم
والطلقات موزعة على أيامنا

وتهذى بالكلمات دون أن تدرى
مفرغ أنت يا صديقي من الحقيقة
وحده الكذب يعرف كيف يغرز مساميره عميقا في جدران اليوم
تحجب عنك الشمس
وتطيل عمر الجرح الباذخ
تمد في طول السور الشاهق من حولك
وفي أسفله تتربص بك الجرذان في الشقوق والجحور
تمضي مفرغا يا صديقي من كل شيء
من قوت يومك
من أحلامك
من حبيبتك التي أفرغت من حبك واستعادت أصابعها من جيبك  المنهك
ولم تبق لك شيئا من عطرها ولا خصلة من شعرها
تمضي ولا تبالي
تلتقط بعض ما تدحرج من رواق أَمسك تدسه بين دفتي كتاب لن يقرأه أحد
تمضي في الشارع المرهق بقمامات تثقل معدة الرصيف
تصيب أنف النفق بالزكام
هنا الفراغ ينسج عنكبوته ويعصره قهوة تغري بازدحام الفناجين لنرمي فيها ما تبقى من وقت لدينا وننتهي
تهيم على وجهك في دروب وعرة
أخطأت الطريق يا صديقي
صحيح أن وجهنا حين تضيع منه ملامحه يسقط منا الذاكرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.