الأحد، 17 سبتمبر 2017

البلاغة

 البلاغة هي خلق الألفاظ على أقدار المعاني وتزيين المعاني بالألفاظ المشعة
وليست البلاغة أن تخاطب الناس على قدر ما يفهمون وإنما البلاغة هي أن ترقى بهم إلى مقاصدك بأن تبينها لهم بالصيغ التي تجعلهم يفهمون كل ما تريد أن تبلغهم إياه فمخاطبة الناس على مقدار عقولهم وأفهامهم فيها تضحية بالمعنى وسطحية وتنازل
 أي إيثار للفهم التقريبي على حساب المعنى الدقيق الكامل وابتعاد بالكلام عن مقاصده
فعلى المبدع أن يرقى بادائه الفني وألا يتعمد الهبوط نحو السهل

اللغة الدقيقة هي قالب للفكر الدقيق واللغة المبهمة هي للعقل ارتباك وللتفكير تلعثم لذلك إذا أردنا أن يكون الكلام بليغا فلا بد أن يستوفي شرط الوضوح والشفافية والقدرة على الوصول إلى السامع بأحلى لسان وأجلى بيان. هذا فضلا من سلامة المعنى وعدم الوقوع في الخطأ والبعد عن التناقض فلا يليق بصاحب الكلام البليغ أن تختل معانيه أو يتناقض أو أن يأتي بسقط اللفظ والمعنى
ومما يساعد على الوضوح البساطة والإيجاز والصحة واستخدام الألفاظ الحسية دون التجريدية والجمل القصيرة دون الطويلة وتفضيل المأنوس من الألفاظ على الوحشي والابتعاد عن الحشو والتقعر والافتعال وعدم استعمال ما له معنيان أو أكثر من الألفاظ ولا سياا الألفاظ ذات المعاني المتضادة
كما يجب في الكلام البليغ الواضح ارتباط أجزائه بعضها ببعض وتساوقها وتسلسلها بعضها من بعض وترتب بعضها على بعض فلا ننتقل من جملة إلى أخرى إلا بعد فحصها واستكمال عناصرها بمعنى أن كل جملة تكون بمثابة بذرة للجملة التالية وأن تبدو الجملة اللاحقة كأنها نهاية أو خاتمة للجملة السابقة وهكذا يأخذ بعضها بأعناق بعض وفي وحدة فنية متماسكة متكاملة كالبنيان المرصوص والخلاصة: البلاغة من البلوغ والبلوغ هو الوصول

إنما الإعجاز إحكام الكلام وتواصله وتماسكه وعكوفه بعضه على بعض واعتماد بعضه على بعض ليخلص إلى ما يروم صاحبه ويبغي لا انقطاع ولا نتوء ولا شذوذ في الكلام المعجز البليغ